التقدم تسع درجات خلال سنة واحدة في أي سلم تقييمي ليس بالأمر السهل، ذلك يعني أن ما بذل من جهد لم يكن تقليدياً ولم يكن بالرتم المعتاد، فما بالك وهذا السلم التقييمي دولي وبمعايير عالمية صارمة، فإذا علمت أن المتنافسين يبلغون 138 دولة، وأن القطاع المراد تقييمه ومقارنته هو سلطة قضائية لهذه الدول؟
ذلك ما حققته السلطة القضائية البحرينية إذ تقدمت على 106 دول فاحتلت المرتبة الـ32 في 3 محاور للمنظومة العدلية، المحور الأول استقلالية القضاء والثاني فعالية النظام القضائي الإداري والثالث فعالية النظام القضائي والقانوني في الفصل في المنازعات.
احتاج الأمر لجهد مضاعف في التدريب وفي الاستعانة بشركاء محليين ودوليين وبالالتزام بالأهداف وبالبرنامج والفترة الزمنية حتى تمكنت البحرين من القفز هذه القفزة النوعية، خاصة وأن خط النهاية الزمني بالنسبة لها هو 2020 أي بعد أربع سنوات من الآن.
ذلك يعد إنجازاً بكل المقاييس عقدت له السلطة القضائية مؤتمراً صحافياً حضرته الصحافة المحلية واستعرض الأمين العام للمجلس الأعلى للقضاء التقرير وتفاصيله ومواقع التقدم البحريني فيه، لا للتفاخر بأن «الجماعة» في السلك القضائي بذلوا جهداً وأنهم يستحقون التصفيق، إنما عقدته بقصد أن يتفاعل المجتمع بإعلامه وبمؤسساته المدنية مع هذا الخبر محلياً ومن ثم ممكن أن ينتقل هذا التفاعل وهذه الدوائر المتوالدة إلى المجتمع الدولي.
خلق دائرة من الحوار والجدل حول أي موضوع هو الذي يساهم في تسليط الضوء على أي حدث، هو الذي يوصل المعلومة لعدد أكبر من الناس هو الذي يجعل الناس تعي بمعنى وفحوى وأهمية الحدث، لا عقد مؤتمر صحفي ليوم ونشره لمرة واحدة ثاني يوم بعد المؤتمر في كل الصحف وبذات الصياغة الموحدة التي تضعفه وتبهته «إعلامياً» ثم يطويه النسيان في اليوم الثالث.
المشروع الإصلاحي في مملكة البحرين بحاجة لخطة تسويقية محلية ودولية تشارك بها كل الأجهزة في الدولة، فتناط بجميع السلطات مهمة تسويق نجاحاتها، تلك مهمة دولة بسلطتها وأفرادها، لا يجب أن يغيب عن بالنا أن الطعن في جدية هذا المشروع من قبل مجموعة من الخونة مهمة يعملون عليها بتمويل وبتدريب وبشبكة علاقات دولية ضخمة مشروع مازال قائماً حتى اللحظة، نقابلها نحن بلا خطة للترويج حتى على المستوى المحلي فما بالك والهدف الوصول إلى التوعية بجديتها دولياً؟
إن تقدم البحرين 9 مراتب في سنة واحدة في السلطة القضائية هو باختصار قصة نجاح كبيرة كبرها بحجم المجال العدلي والحقوقي الإنساني والأمن الاقتصادي الذي يغطيه هذا القطاع وينعكس عليه، وبحيادية المعايير الدولية التي قيس بها التقدم وبعدد الدول التي نافستها، المسألة تتعدى الأجواء الاحتفائية والتطبيل والتصفيق ولو أنه يستحق هذا كله.
إنجاز كهذا كان يجب أن تجهز له السلطة القضائية «حملة توعية» عربية وإنجليزية وفرنسية، حملة تعي أهمية هذا النجاح لخدمة القضية البحرينية وتعقد له أكثر من ندوة مع أكثر من قطاع، الدبلوماسي والإعلامي والتجاري والتشريعي، غير معقول أن تبقى الخصلة البحرينية التي تظلل الإنسان البحريني أنه إنسان محب للظل والعمل بصمت تبقى عائقاً أمام نشر قصص نجاحنا، غير معقول أننا في معركة قوامها التعتيم على الجانب المشرق من واقعنا والمؤسف أننا وأعداءنا نعمل في خندق واحد!!