كيف ممكن أن نشتغل على الترويج لقصص النجاح البحرينية كجزء مهم من التسويق لمشروعنا الإصلاحي في مملكة البحرين، تسويقاً محلياً وتسويقاً دولياً، في ظل سياسة التقشف المالي؟ وكيف ممكن أن نشيع البهجة والروح الإيجابية كرافعة للإنتاج في ظل كم المحبطات التي تحيط بنا؟ إنها تحديات كبيرة.
قبل أي شيء لنسأل هذا السؤال هل لدينا فعلاً قصص نجاح؟ نعم لدينا على مستوى الأفراد ولدينا على مستوى الحكومة ولدينا على مستوى بقية السلطات القضائية وحتى التشريعية، نعم لدينا ولكننا لا نعرف كيف نرويها ليصدقها أحد، غالباً ما تنتهي روايتنا لهذه القصص بالتشكيك فيها لأسباب عديدة.
رغم أن لدينا قصص نجاح بعضها كبير جداً على المستوى المحلي بل وبعضها على المستوى الإقليمي وأحياناً على المستوى الدولي، وبعضها صغير متناثر هنا وهناك لكنه في النهاية نجاح يستحق أن يروى، إذاً لن نحتاج أن نفبرك أو نختلق أو نكذب أو أن نجمل أو نبالغ أو نهول بحيث نفسد القصة ونشوهها، بل كل ما علينا هو روايتها باحتراف وتوزيعها ونشرها باحتراف.
السؤال الثاني، هل لدينا محبطات تحيط بنا من كل جانب؟ نعم لدينا وأستطيع أن أسرد قائمة طويلة جداً، إذاً كيف شقت قصص النجاح تلك طريقها في ظل هذه المحبطات؟ هنا يكمن جمال الرواية وقوتها، وهنا تبرز وتظهر لرواية القصة مصداقية وقوة وتأثير، وهذا ما لا يعلمه العديد من أصحاب القرار، الذين يريدون أن نخفي المحبطات والتحديات تحت السجاد ونروي القصة من آخرها، والنتيجة تشوه خلقي في الرواية فلا يصدقها أحد.
إبراز قصص النجاح لن يكون إلا على ركام ذكر المحبطات والإقرار بها وتسليط الضوء عليها، حتى حين أذكر قصة للنجاح يعلم الجميع أننا لا نتحدث عن قصة خيالية، بل عن نجاح صعد على ركام يعايشونه يومياً، ولا يمكن أن أقفز عليه، بل قوة الرواية تكمن في كيفية الصعود.
السؤال الآخر، وهو كيف يمكن أن أروي هذه القصص بأسلوب مشوق وجاذب ومحفز وملهم للآخرين، بحيث أخلق الأجواء الإيجابية كهدف، وقيود التقشف المالي تحيط بي من كل جانب؟
كيف ممكن أن أروي قصة النجاح رواية محكمة جميلة يتابعها الناس باقتناع وأن أروج أن مملكة البحرين بها أشياء جميلة خلقها الإنسان البحريني في ظل مشروع طموح، وأن أساهم بخلق أجواء إيجابية تلهم الآخرين وأفعل كل ذلك وهناك توجيهات بخفض النفقات والترشيد وعدم إقرار أي مشاريع في السنة القادمة لتخفيض الصرف؟
الجواب هو أن «أقضي» على فكرة العمل بصمت، وثانياً أن «أعطي» الخباز خبزه، وثالثاً أن «أوزع» الكلفة الإنتاجية.
بمعنى أن القائمين على مؤسسات الدولة من وزراء ومن أعضاء سلطة تشريعية وسلطة قضائية، العديد منهم يجب أن يكونوا إعلاماً متنقلاً، وعليه فلا بد أن تخرج تلك المؤسسات من دائرة الصمت إلى دائرة الضوء بأعضائها لا بوزيرها فحسب، ولا بعلاقاتها العامة فحسب، في كل تلك المؤسسات رجال ونساء حققوا قصص نجاح صغيرة كانت أو كبيرة دعوهم هم يرونها لا الوزير، رتبوا لهم سلسة زيارات واستضافات دعوا مديرة المدرسة وضابط الشرطة ورئيس القسم ومهندس الدائرة والطبيب الذي قام بعمل ناجح دعوه هو يروي القصة، الناس تتعاطف مع من قام بالتحدي من البسطاء من أمثالهم هؤلاء هم المحفزون.
ثانياً، هناك سلة من الخيارات الإعلامية ليس جهاز التلفزيون إلا واحداً منها، أما البقية من الخيارات غير المكلفة تقوم على التواصل المباشر مع الناس، حسب حجم ونوعية قصص النجاح، بعضها مع الدبلوماسيين العرب، والمراسلين الإعلاميين الأجانب، بدعوة وجولة ميدانية أو بدعوة للقاء وليس مؤتمراً صحافياً فحسب، وتقوم كذلك على زيارات متكررة للصحف ودعوتهم، وتقوم على عقد سلسلة لقاءات مع المعنيين والفئات المستهدفة، وتقوم على التواصل مع العامة من خلال مؤسساتهم المدنية وحتى مجالسهم.
أعد فريقاً من «المسوقين» من موظفين المكان، إن كان «المكان» هو حكومة أو كان مجلساً للقضاء أو للسلطة التشريعية، فإنني أضع لأعضاء هذا المكان برنامجاً على مدار السنة أستضيف فيه وأزور فيه آخرين، أروي من خلال هؤلاء قصص نجاحي إلى جانب الإقرار بتقصيري في جوانب أخرى، حتى أملك مصداقية تسويق القصة والتي ستمحو أي أثر سلبي عن الإحباطات، الناس ميالة للتفاؤل إن أنت صدقت القول معهم.
هكذا تكون مهمة تسويق النجاحات وإبرازها قد وزعت على جميع الوزارات والهيئات والسلطات، إن الأخذ بسياسة مؤتمر صحافي أو توزيع بيان فحسب، سياسة أكل عليها الدهر وشرب، فهذا نشر ليوم سيغيب وينساه الناس ويضيع في زحمة الأخبار اليومية.
فإن أردنا الاستعانة بجهاز التلفزيون لنرفع مستوى فئات المستهدفين ونضاعف عددهم، فإن كلفة الإنتاج التلفزيوني لفيديو مصور لهذه القصص لا بد وأن يتقاسمها الجميع أيضاً، وذلك للتغلب على تحدي التقشف والترشيد، هذا إذا أردنا أن نعرض القصة بشكل يستحق المشاهدة والمتابعة لا أن تأتي كاميرا تصور بصمت لقطات للحدث ويعرض في الليل مع موسيقى في باب البحرين مع تعليق بسيط يخل بأبسط حقوق الجهد الذي بذل.
جميع سلطات الدولة ومؤسساتها وجميع وزارات الدولة وهيئاتها لديها إدارة للعلاقات العامة ولديها موازنة وإن كانت بسيطة، إلا أنها جميعها مع الأسف فشلت في نقل العديد من قصص النجاح الصغيرة والكبيرة داخلها لاعتمادها على دعوة للتلفزيون ليصور الحدث وتبرئ ذمتها في نهاية اليوم بأنها «روجت»، هذه الموازنة الآن يجب إعادة النظر فيها ووضعها في الموضوع الصحيح، أشركوا معكم شركات الإنتاج الخاص لتصوير قصصكم، فيلم واحد قصير يروي قصة النجاح باحترافية يغني عن ألف ساعة من التسجيل الممل، وبذلك ضربت عصفورين بحجر رويت قصتك بتشويق وساهمت بتحريك عجلة الاقتصاد.
تلك أفكار وفكروا أنتم معي خارج الصندوق، خارج «الصحاره» خارج «الكارتون»، المهم أعطونا أفكاركم.