بالكيفية التي تم بها ترويج فكرة أن مجلس النواب انتهى عملياً بخروج المنتمين من أعضائه إلى جمعية الوفاق المنحلة حتى صار بعض العامة من المسيطر على عقولهم يرددون الكلام نفسه ويعتبرون كل إنجاز يحققه مجلس النواب مهما كان مهماً ومميزاً دون الإنجاز ويقولون عنه ما يشاؤون من كلام ناقص بغية التقليل من شأنه، بالكيفية نفسها يتم الترويج حالياً وبشكل لافت جداً عبر الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها فضائية «العالم» لفكرة أن «قرار البحرين ليس بيدها وأن كل ما تقوم به الدولة هنا هو تنفيذ ما تريده وتخطط له السعودية التي تنفذ بدورها ما تريده وتخطط له إسرائيل وأمريكا»!
هذا ما تروج له إيران حالياً عبر ترسانتها الإعلامية، وهو ما يفرح ذلك البعض الذي صار مسحوراً بإيران ووصل مرحلة ترديد ما تزعمه من دون التدقيق فيه ومعرفة غايته، فطالما أن إيران زعمت بهذا فهذا يعني أنه صحيح ودقيق ولا يمكن تكذيبه أو الرد عليه، وطالما أن ذلك البعض قال ذلك الكلام عبر الفضائيات الإيرانية فهذا يعني أنه لم يعد أمام العامة من المضحوك عليهم والملحوسة عقولهم سوى تصديقه والمساهمة في ترويجه بترديده حتى وإن انتبهوا في لحظة ما إلى أن ما يرددونه يضر بوطنهم وبأهلهم.
هناك إذن خطة مدروسة جيداً يتم تنفيذها بدقة متناهية ويتم توظيف الإعلام بكل وسائله التقليدية والحديثة للترويج لهذه الفكرة المضحكة، ذلك أنه لا يوجد في العالم دولة لا مهمة لها سوى تنفيذ ما يراد منها تنفيذه من قبل الآخرين، فالدولة المستقلة لا تعمل إلا ما تريده هي لا ما يريده الآخرون منها مهما كان التقارب كبيراً.
ومع هذا فإن من الطبيعي أن تتوافق البحرين مع دول مجلس التعاون وبالأخص مع السعودية في كثير من الأمور، والأكيد أن السعودية لا تريد للبحرين سوى الخير، وهي لا تعمل إلا ما فيه صالح هذا البلد. لكن الزعم بأن قرار البحرين في يد السعودية أو غيرها، وغير هذا من كلام ناقص مضحك تروج له إيران حالياً وتستغل في ذلك بعض «أبناء» البحرين فهذا يعني أن إيران تريد من خلاله التوصل إلى أمر ما يعينها على إنجاح خطتها الرامية إلى إضعاف دول مجلس التعاون كافة بغية السيطرة على المنطقة وقيادتها، وهو الحلم الذي لا يمكن أن يتحقق وتأكد أنه لن يتحقق بما اتخذته دول المجلس من قرارات ومواقف حازمة إزاء العديد من الملفات في السنتين الأخيرتين على الأقل.
المثير في الأمر هو أن إيران لن تتوقف عن الترويج لهذه الفكرة لأنها تخدمها كثيراً، وهي تعتقد أن العالم -كل العالم- دون مستوى ذكائها وأنها بناء عليه يمكنها أن تروج كل فكرة تبتغي ترويجها، والمثير في الأمر أيضاً أن «أبناءنا» الذين يساعدونها في الترويج لهذه الفكرة عبر ترسانتها الإعلامية وصلوا إلى مرحلة صاروا فيها يعتقدون أنهم أذكى من الآخرين وأنهم بالتالي يفهمون أكثر منهم ويستطيعون أن يروجوا ما يشاؤون وإن كان ضعيفاً.
بالتأكيد لن تقف إيران عند الترويج لهذه الفكرة، وليس بعيداً أن تكذب وتصدق كذبتها فتقول إن الذين يديرون الوزارات والدوائر الحكومية في البحرين وفي مختلف دول مجلس التعاون الخليجي ليسوا مواطنيها ولكنهم (.....) وأن من يراهم العالم في تلك المؤسسات من أبناء الخليج العربي ليسوا إلا واجهة وديكوراً. والأكيد أنها ستستند في هذا إلى فكرة ملخصها أنه لولا هذا لتمكنت من السيطرة عليها واحتلالها منذ زمن بعيد!
الحقيقة التي يجب على إيران أن تدركها جيداً هي أن قرار كل دولة من دول مجلس التعاون في يدها وحدها ولا تسمح لأحد بمشاركتها فيه.