لتدمير حلب والموصل وتهجير أهلها وإعادة رسم الخارطة الديموغرافية خلقوا داعش، واليوم يدكون الاثنتين، ومثل ذلك لتدمير البحرين وإعادة رسمها وخلعها من منظومة دول مجلس التعاون خلقوا لنا ملف «الإصلاح وحقوق الإنسان» ليكون لنا مسماراً «لجاحهم» يتدخلون بحجة الدفاع عنه بشؤوننا فيفرضون علينا فوضاهم، ويفرضون علينا عملاءهم.
ولم ولن تعجبهم أية خطوات إصلاحية تقوم بها البحرين، ولو كانت تغطي عين الشمس، فإنهم لم ولن يروها ولن يعترفوا بها وستظل غير ذات جدوى، في حين رآها وسيراها أهل البحرين والعديد من المنظمات الدولية والزوار والخبراء البعيدين عن أجندتهم.
تقرير منتدى دافوس الاقتصادي الذي رصد تقدم مملكة البحرين تسع درجات خلال سنة واحدة في مجال استقلالية القضاء، وتطور النظام الإداري في الإجراءات القضائية، وفي فعالية الإجراءات القضائية في الفصل في المنازعات، وعد ذلك تقدماً قياسياً في فترة زمنية قصيرة جداً، لم نرَ له صدى في أي من التقارير التي تطالبنا بإصلاحات جدية! فإن لم يكن التقدم في استقلالية القضاء واحتلال البحرين المرتبة 32 من أصل 138 تقدماً وإصلاحاً ذا جدوى؟ فماذا نسميه؟
في البحرين لدينا 13 قاضية ولدينا اثنتان من النساء رئيسات محاكم وسيدة هي وكيل محكمة، لدينا أربع نساء في مناصب إدارية في المحكمة الدستورية وأمين عام مساعد فيها، لدينا 4 وكيلات نيابة وسيدة رئيس نيابة بدرجة رئيس محكمة، ومحامٍ عام سيدة، بهيئة الإفتاء والتشريع بلغت النساء اللاتي برتبة مستشار 46%، أما بالنسبة للقضاء الواقف فقد بلغت نسبة النساء من محامي محكمة التمييز 26.2%، أما نسبة المحاميات المشتغلات في البحرين فقد بلغت 59.4% أي تغلبن على الرجل.
فإن لم تكن تلك إصلاحات فماذا تكون إذاً؟
«ومع أن الإناث يمثلن نسبة 51% من سكان الولايات المتحدة، فإن القضاة كانوا بصورة شبه دائمة من الذكور حصراً. ولغاية رئاسة جيمي كارتر «1977-1981»، كان أقل من 2% من قضاة المقاطعات إناثاً، وحتى مع الجهود الواعية لتغيير هذه الظاهرة، بقيت 14.4% فقط من تعيينات الرئيس كارتر في مراكز قضاة المقاطعات من النساء. كانت الأقليات العرقية أيضاً ضعيفة التمثيل في منصة المحاكم، ليس من حيث العدد الإجمالي فحسب، بل أيضاً بالمقارنة مع مجموع السكان. حتى أيامنا هذه، وحده جيمي كارتر عين نسبة لا بأس بها من غير الأنغلوسكسونيين في منصات القضاء الفدرالية، أي أكثر من 21%. خلال إدارة الرئيس بيل كلينتون «1993-2001» حصل تغير دراماتيكي. فخلال السنوات الست الأولى من ولايته، جاء 49% من المعينين القضائيين إما من النساء أو من الأقليات» المصدر وزارة الخارجية الأمريكية
التقدم لا يقاس مقتطعاً من سياقه الظرفي الزماني والمكاني، وقياساً بفترة زمنية لا تتجاوز 16 عاماً منذ بداية الإصلاح الذي اخترناه بأنفسنا ولم يفرضه أحد علينا، نحن نتقدم بسرعة صاروخية، خاصة إذا قارناها بالفترة الزمنية التي استغرقها ذات التغير في الولايات المتحدة الأمريكية.
الجدير بالذكر حين تعلق الأمر بالإصلاح باستقلالية القضاء كان حوالي تسعة من أصل كل عشرة قضاة مقاطعات، من نفس الحزب السياسي للرئيس الذي قام بتعيينهم، وكان، تاريخياً، حوالي 60% منهم يملك سجلاً من النشاط الحزبي، هذا ما ذكره موقع الخارجية الأمريكية، وذكر أيضاً أنه في دعوى آل جور ضد بوش الشهيرة، كان أغلب القضاة قد عينهم بوش الأب!! وفاز بوش الابن بالدعوى وإلى الآن مازال الحكم محل شك وجدل.
الخلاصة، كيف نترك لهؤلاء مهمة تقييم تقدمنا ومهمة تقييم إصلاحنا ومهمة تحديد ما هو إرهاب وما هو «حقوق» ونترك لهم تقدير ما هو فوضى ودمار وما هو حق وقانون؟ إننا إن فعلنا ذلك فإننا نسلم لهم مفاتيح أمننا واستقرارنا ونترك لهم تحديد مصيرنا.
حين يكونون هم ميزان ومعيار تقدمنا وقياس جودة إصلاحنا فإن رضاهم لن يكون إلا على دمارنا وبقايا دولتنا.