مثل آلاف المواطنين غيري، تشدنا خطابات حضرة صاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى. ويهمنا أن نتعرف على مضامينها لما تحتويه هذه الخطابات الملكية السامية من أفكار ترسم لنا خارطة الطريق، وتنير لنا بصائرنا وأبصارنا.
وقد طالعنا جلالة الملك حفظه الله بأكثر من خطاب خلال الأسبوع الماضي، سواء من خلال كلمة جلالته في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي الشورى والنواب، أو من خلال خطاب جلالته عندما التقى المنظمين لفعالية «هذه هي البحرين».
ومع اختلاف جوهر الفعاليتين إلا أن هناك قاسماً مشتركاً وفكرة رئيسة وردت في خطابيْ جلالته وهي «أن البحرين هو بلد التعددية والتعايش منذ قديم الزمان».
فالبحرين كما ذكر جلالته في خطابه مثل الإسكندرية قديماً، فلقد كانت ولا تزال جزيرة تستقبل الجميع بترحاب وكرم وتلك من أهم الموروثات الثقافية لدى أهل البحرين. حيث لم تفرق البحرين قط بين أي أحد من مواطنيها أو الوافدين إليها مطلقاً لأي اعتبار ديني أو عقائدي أو عنصري. فالبحرين هي بلد عرف «بالتعددية» منذ قديم الأزل ولا يزال يؤمن بأنه رمز للحرية والديمقراطية والتعددية الثقافية والدينية والعرقية.
ولكن هذا الموضوع يحتاج إلى «عين منصفة» كما ذكر جلالته.
والعين المنصفة تحتاج إلى عقل منصف وواع ومدرك، يرى الأمور من جميع الزوايا ولا يراها من زاوية واحدة، أو يراها بنصف عين، أو يراها من خلال ثقب يخدم مصالحه فقط.
البحرين هي بلد التعددية فلم نسمع قط أن أحداً منع من ممارسة معتقداته أو منع من التعبير عن أفكاره وآرائه في ظل ضوابط الحرية المسؤولة المرتهنة بالقانون.
ولا تستطيع أي عين منصفة أن تنكر مدى التعايش الذي يعيشه كل من على هذه الأرض، والاحترام والتقبل للآخر. فعلى الرغم من المساعي والجهود الخارجية التي تتربص بوحدة أبناء البحرين إلا أننا كشعب أثبتنا للعالم بأننا ـ رغم جميع اختلافاتناـ مؤتلفون ومتراصون تحت راية الوطن والقيادة الحكيمة.
ووجه جلالته رسالة مهمة إلى الأساتذة الجامعيين والمهتمين بالبحث العلمي، ففي خطابه السامي الذي وجهه جلالته للسفير الإيطالي، قال جلالته: «ربما نحتاج إلى أساتذة جامعيين ليخطوا كتباً عن قضية - التفريق بين الجاهلية والإسلام - ليوضحوا من خلال هذه الكتب والأبحاث سماحة الدين الإسلامي»، وهذا هو الدور المجتمعي الذي يجب على الأساتذة والباحثين اليوم لعبه لخدمة وطنهم وإرثهم الثقافي لكي يوضحوا للعالم أن الإسلام هو دين السماحة والسلام.
وقال جلالته حفظه الله حرفياً «تربيت كمسلم والمسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده».
وقد خصص جلالة الملك كرسياً دراسياً باسم جلالته «لتدريس الحوار والسلام والتفاهم بين الأديان في جامعة روما». هذا التخصص الرائد نأمل أن يكون موجوداً في جامعاتنا البحرينية، وأن يكون لنا ولأبناء البحرين نصيب منه. وأن يتم تخصيص مقرر دراسي يدرس لجميع طلبة البحرين يختص بتدريس مفهوم الحوار والسلام والتعددية»، لما لهذا الموضوع من أهمية لاسيما في الوقت الراهن والذي تسعى فيه بعض الجهات الخارجية من تفتيت المجتمعات من الداخل بحجة «الاختلاف».
خطابات صاحب الجلالة الملك كانت في الصميم في كل كلمة أردفها جلالته في هذه الخطابات التي نأمل من الجميع إعادة قراءتها وتحليلها «بعين منصفة».