في الكلمة التي ألقاها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، في خطابه، بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الرابع، سلطت كلمة جلالته على عدة قضايا هامة، بينت ما أنجزه المشروع الإصلاحي في مملكة البحرين، وتحديات المرحلة القادمة، وعلى رأسها التحديات الاقتصادية التي اقتضت إجراءات تقشفية في كل وزارات الدولة. كما أكد الخطاب على رؤية الحكومة في التمسك بالوحدة الوطنية وتجنب تفتيت المكون الاجتماعي للشعب البحريني استناداً إلى فوارق مذهبية أو عرقية.
ومن القضايا الهامة التي تطرق إليها خطاب جلالته الإشارة الواضحة إلى عمق الهوية العروبية والإسلامية لمملكة البحرين. واعتزاز الشعب البحريني بهذا الانتماء التاريخي الذي يحدد ملامح الشخصية البحرينية ويرسم سياساتها الحالية والمستقبلية. وكانت وقفة تستحق التقدير في الخطاب السامي الإشارة إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب الجوهرية ودعم حق الشعب الفلسطيني في تأسيس دولة على كافة التراب الفلسطيني. فالقضية الفلسطينية صارت من المنسيات وسط الفوضى العربية التي تدمر كل ما أنجزه العرب بعد عقود التحرر وتأسيس الدولة الحديثة.
كما تطرق جلالته في خطابه إلى موقف البحرين من الأزمة في سوريا المتمثل في الحفاظ على وحدة الدولة السورية. وهو موقف يبرهن على مناهضة مملكة البحرين لمشاريع إعادة تقسيم الدول العربية الجاري على قدم وساق في المنطقة. وفي هذا الاتجاه أيضاً بين الخطاب الملكي التزام مملكة البحرين بالتنسيق الكامل مع دول التحالف في دعمها للشرعية في اليمن على كافة التراب اليمني.
وتكمن أهمية الإشارة في الخطاب الملكي إلى الموقع العروبي للبحرين وإلى المواقف المتزنة للمملكة من قضايا الأمة العربية، تكمن، في عمق الانتماء العروبي للبحرين وهو عمق تاريخي تمتد جذوره بعيداً وتتمدد في المواقف التاريخية للمملكة. كما أنها تعبر عن تمسك البحرين بمقتضيات الهوية العربية بالانحياز للقضايا العربية وإدراك موقع كل قضية منها على خارطة أولويات المنطقة.
خطاب جلالة الملك في هذه المناسبة ذات الطابع الديمقراطي الذي لم يغفل البعد القومي والعروبي لمملكة البحرين يستحق أن يتخذ أنموذجاً للوعي بالحالة الإقليمية التي تحيط بالبحرين وهو وعي حري بأن يتبناه كتاب البحرين ومثقفيها والمهتمون بالشؤون الفكرية والاستراتيجية. فإدراك الشعوب لمكونات هوياتها واستحقاقاتها يعد أساساً في فهم الذات والتعامل مع الآخر في ظرف خارجي يحل فيه الآخر في قضايانا دون طلب أو استئذان.