المتابع لتصريحات المسؤولين بجمعية «الوفاق» المنحلة، والمشاركين منهم ومن «المعارضة» على اختلافها في برامج الفضائيات «السوسة» الإيرانية، وكذلك تغريداتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة لابد أنه لاحظ أنها تتسم بالعصبية بل بكثير من العصبية، ما يعني أن الضربات التي تلقتها في الفترة الأخيرة على وجه الخصوص أربكتها، فمثل تلك التصريحات المرتبكة والمتوترة والخارج بعضها عن حدود اللياقة لا تفسير لها سوى أنها لم تحتمل تلك الضربات وصار يستفزها كل فعل تقوم به الحكومة وكل قرار يصدر عنها، بل كل قول. يبدو ذلك جلياً في تصريح أحد المعنيين بهذه الجمعية إثر مصادرة موجودات مقريها قبل أيام كإجراء قانوني حيث تضمن ذلك التصريح الفالت مفردات تؤكد الحالة التي صارت تعيشها هذه الجمعية وأعضاؤها. الأمر نفسه يبدو جلياً أيضاً في تصريحات وتغريدات أولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج حيث صاروا «يستلون» من قاموسهم الكثير من المفردات البذيئة، مؤكدين بذلك نجاح خطة الحكومة.
إن عبارات من مثل «الأجهزة التي تدير الواقع بلغة النار والحديد والدجل السياسي، والإجراء اعتداء على كل البحرين» ووصف تصرفات الحكومة بـ «انعدام الرشد وغياب الحكمة والعقلانية، والفشل والتهور والتخبط»، وغير هذه من عبارات لا تفسير لها سوى أن الضربة التي تلقتها «الوفاق» أدارت رأسها فلم يعد المتحدثون باسمها يجيدون الحديث.
أمر آخر يؤكد قوة ونجاح الضربات التي تلقتها هذه الجمعية و»المعارضة» إجمالاً هو محاولة المعنيين فيها توسيع الدائرة بالسعي إلى نشر فكرة أن المتضرر من تلك الضربات ليست هذه الجمعية أو تلك أو «المعارضة» وإنما «كل البحرين وأهلها» بغية ترسيخ فكرة تزعم أن «الوفاق» هي كل شعب البحرين أو على الأقل غالبيته! وكذلك السعي لنشر فكرة أن الإجراءات الحكومية تدخل في باب الاعتداء، أي أن الحكومة باتخاذها إجراءات معينة ضد «الوفاق» اعتدت على شعب البحرين وعلى حقوقهم وعلى كل شيء!
من الأمور اللافتة أيضاً في تصريحات «المعارضة» وخصوصاً جمعية «الوفاق» المنحلة محاولتها نشر مزاعم بأن الإجراءات التي تتخذها الحكومة ضد «المعارضة» وضد «الوفاق» بشكل خاص لا تفسير لها سوى أنها «تتخبط وأنها فشلت في القضاء عليها لأن لها جذوراً شعبية»، وهذه الفكرة يتم الترويج لها بإصرار عجيب خصوصاً عبر الفضائيات «السوسة».
ما تود هذه الجمعية ومن يقف معها وما تود تلك الفضائيات نشره واعتبار تلك المزاعم حقيقة هو أن الحكومة تريد أن تقضي على «المعارضة» وأنها لهذا تلجأ إلى «الغلق والهدم والإقصاء والقمع» إلا أنها لا تستطيع وأنه بدلاً عن ذلك تقويها وتجعلها «أكثر صلابة وقوة وأملاً وتطلعاً» .
نحن إذن أمام مسألتين، الأولى، هي التخبط الذي صارت فيه «المعارضة» ودليله لجوء من يصرح باسمها إلى استخدام كلمات غير مناسبة والسب والشتم، والثانية، هي محاولتها تأكيد صلابتها والترويج لأفكار سالبة عن الحكومة واتهامها بأنها ترمي إلى إنهاء «المعارضة» وإنهاء الوجود الشيعي، وما إلى ذلك من ادعاءات ومزاعم لا صحة لها وغير واقعية.
قلة خبرة جمعية «الوفاق» وقوة الضربة أو الضربات التي تلقتها أخيراً جعلتها لا تحسن التصرف، فالجمعيات «المعارضة» في كل دول العالم عندما تتعرض لمواقف كهذه تلجأ إلى الهدوء وتحرص على انتقاء مفرداتها لتؤكد أنها فوق التأثر، فلا تفعل كما فعلت هذه الجمعية التي أكدت ضعفها وعدم احتمالها بأن سارعت إلى إصدار بيان فالت تضمن عبارات مليئة بالمعلومات غير الصحيحة ومليئة بالتحدي لسلطة الدولة.
عندما تختار جمعية سياسية «معارضة» ردة الفعل السريعة ويكون ردها انفعالياً فهذا يعني أنها من الضعف بحيث إنها لم تتمكن من استيعاب الضربة التي تلقتها وتحملها، رغم أنها مجرد إجراءات مسنودة بالقانون.