حين تقوم جهة رسمية ما بعملها في الإطار الصحيح وفي حدود القانون الذي ينظم حياة الناس ويؤمن لهم العدالة لنيل حقوقهم، حينها لن يحتاج المواطن إلى أن يكتب في الصحف اليومية عن معاناته ولن يكون هناك أي معنى لصفحة بريد القراء، كما لن يتجه بعضهم إلى مناشدة مكتب سمو رئيس الوزراء كل يوم ليرفعوا لسموه معاناتهم التي تتعطل على عتبات هذه الوزارة أو تلك، بمعنى، لو قامت بعض الوزارات الكسولة بعملها دون الحاجة إلى تقصير واضح في الأداء وتحمل تبعات مسؤولية التقصير لديها لتحصل الناس على مبتغاهم دون الحاجة للكتابة أو مناشدة جهات عليا.
ما هو الداعي القانوني والأخلاقي كي تلجأ مواطنة بحرينية للصحافة أو أن تناشد سمو رئيس الوزراء الموقر شخصياً لعلاج زوجها أو ابنها لو كانت الأمور تسير بالشكل المطلوب والعادل والقانوني داخل أروقة مشافي البحرين؟ ولماذا تناشد عاطلة عن العمل وزير العمل أو وزير التربية والتعليم أو أي وزير آخر لهم علاقة بمخرجات تعليمها كي ينظروا في ملف توظيفها الذي تعطل عن الحركة منذ أن تخرجت قبل 10 أعوام حتى يومنا هذا لو كان التوظيف يسير بشكل منظم وعادل وبدون تدخلات أيادٍ قوية تحمل روح الواسطة والشللية بعيداً عن قوانين منصفة ربما تنصف من لهم الأسبقية في التخرج ممن يملكون كفاءات وطنية محترمة لتوظيف قائم على النزاهة والشفافية؟
لا داعي وبكل صراحة لإشغال مكتب سمو رئيس الوزراء كل يوم بالكميات الهائلة من المناشدات، فهذا الأمر لا يمكن أن يكون في دولة تملك مؤسسات رسمية تسير وفق القانون، فحين يصل المريض إلى مرحلة الخطر يكون من اللازم بمكان متابعة الجهة المختصة علاجه، وتحمل مسؤوليته، دون الحاجة إلى أن ترسل عائلة المريض رسائل إلى الصحافة أو أن ترسل مناشدات يومية إلى مكتب سمو رئيس الوزراء ربما تشغلهم عن عملهم الأكثر أهمية من التفرغ والخوض في قضايا فردية يمكن أن يحلها مسؤول لو كان يعرف معنى المسؤولية، لكن ما يدفع المواطنين للجوء إلى الصحافة أو إلى مناشدة مكتب سمو رئيس الوزراء هو أن تلكم الجهات الرسمية لا تؤدي عملها بالشكل المطلوب، وهذا ما يفاقم الكثير من المشاكل الصغيرة والتي ربما تتحول مع الأيام إلى أزمات مدوية أو إلى قضية رأي عام، في حين كان يمكن أن تقوم الجهة المعنية بمعالجة القضية وهي في مهدها دون الحاجة لتضخيمها أو إرسال تفاصيلها إلى الإعلام، فمتى سيفهم المسؤول عندنا هذه الإشكالية التي باتت تؤرق الناس والدولة والإعلام معاً؟