نظرة عامة إلى المشكلات التي تعاني منها دول المنطقة من دون استثناء تكفي للتوصل إلى أن إيران هي السبب الأول والأساس فيها وهي التي تجعلها تستمر وهي التي تقف في طريق كل مخرج وحل، وتكفي كذلك لتبين أن حلها كلها يكون بكف يد هذه الدولة، فهي الشر الذي إن وقف الجميع في وجهه اندحر وانتهى، وهي الشيطان بكل رتبه ونياشينه يسعى للخراب ولأذى الآخرين كي يخلو له الجو ويفعل ما يشاء.
تصور الحوثيين من دون إيران، الأكيد أنهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً ولانتهى أمرهم منذ زمن، وتصور النظام السوري من دون إيران، والعراقي من دون إيران، واللبناني من دون إيران، والمنطقة كلها من دون هذه الدولة التي استمرأت الشر حتى صار جزءاً منها وصارت جزءاً منه وتكاملاً. الأكيد هو أن الأحوال تكون غير الأحوال ولعم الخير المنطقة بأكملها.
أينما وجد الأذى تأكد وجود إيران، وأي قضية تدخل إيران رأسها فيها تصير عصية على الحل، فالعقلية الإيرانية لا تستوعب غير ما يسيطر عليها ويشغلها، فهي تعتقد أنها هي الصح وأنها كل شيء، وتعتقد أن كل شيء من دونها باطل وخطأ. مشكلة المنطقة هي إيران، وسبب إعاقة كل حل لأي مشكلة فيها هي إيران، فإيران لا تريد الخير للمنطقة ولا تستطيع أن تعيش إلا مع الشر الذي من دونه تضيع وتضمحل سريعاً.
المؤسف في كل هذا الكلام هو أنه حقيقة وليس ادعاء ولا تخرصات. لولا إيران لانتهت مشكلات سوريا والعراق ولبنان واليمن ودول أخرى كثيرة، ولولا إيران لعمرت الأرض وعاشت المنطقة أحلى سنينها ولدون التاريخ أن الناس في هذا الزمان عاشوا كما ينبغي لهم أن يعيشوا، في سلام ومودة.
وجود إيران وبقوة في سوريا عطل كل الحلول وعقد المشكلة كثيراً، ووجودها في لبنان والعراق أدى إلى النتيجة نفسها، ولولا تواجدها في اليمن - والذي من المضحك أنها تنكره - لما تمكن الحوثيون من تجاوز حدودهم إلى الحد الذي اعتبروا مكة المكرمة هدفاً مشاعاً فاستهدفوها بصاروح باليستي أقسموا بعدها بأغلظ الأيمان أنهم لم يستهدفوا هذه الأرض التي شرفها الله وأن قوات التحالف العربي لم تتمكن من صده وأنه حقق هدفه فأصاب مطار جدة!
شهر واحد فقط تعود فيه إيران إلى رشدها كفيل بإرساء السلام في كامل المنطقة، وشهر آخر يتعطل فيه حكم الملالي كفيل بأن تعمر هذه الأرض وتزدهر ويعيش الناس في المنطقة أحلى أيامهم وأسعدها. من دون إيران يمكن للمنطقة أن تعيش في سلام وهناء، وبها – أو بالأحرى بنظام الملالي الذي يسيطر عليها ويخنقها منذ قرابة أربعة عقود – تتدهور فيها كل الحياة وكل أسبابها. إيران بحكومة الملالي هي الأذى، وإيران تحت ظل هذا النظام الفاشل والدموي هي الشر المطلق. ومن يقول بغير هذا يغالط نفسه ويظلمها.
هذا الكلام ليس كلام من يتخذ من إيران الملالي موقفاً سالباً بسبب تصرفاتها ومواقفها المؤذية من غير الإيرانيين ولكنه كلام مواطنيها الذين كانوا على موعد مع الأذى وذاقوا الأمرين ولا يزالون من هذا النظام الذي استغل الدنيا والآخرة وضرب بعرض الحائط كل المبادئ والقيم كي يطيل من عمره ولو يوماً واحداً.
إن دولة لم تراعِ حرمة شعبها لا يمكن أن تراعي حرمة الآخرين وكل حرمة، وإن دولة لا تتردد عن إعدام مواطنيها والزج بهم في السجون وإفقارهم وتعتبرهم مجرد أرقام لا قيمة لها لا يمكن أن تنتصر لمواطني سوريا ولبنان والعراق واليمن، ولا يمكن أن تنتصر للحق الذي ترفع شعاره.