نوابنا الأفاضل ضعوا في حسبانكم أن ما تصرحون به، وما تقترحونه وما تصوتون عليه وما تتقدمون لتحريكه من أدوات موضوع تحت مجهر الناس، فلا تلقوا بالتصريح إلا بعد دراسته وفحصه، وإلا تحملوا ما ستسمعونه من الناس، وضعوا في حسبانكم أن هناك وعياً متزايداً وهناك جهات تراقب أداءكم، وتقيمه وتكشف للناس خفايا القصة.
القول بأن هناك «توجهاً» نيابياً لإقرار قانون سيعرض عليكم غداً يمنح 20% زيادة في الرواتب ورمي الكرة في ملعب الشورى قول يحتاج إلى تمحيص.
أولاً هذا القانون صاغه المجلس السابق في يونيو من العام 2014، وانتهى دور الانعقاد قبل أن يعرض على الشورى ورحل إلى هذا الفصل، وحين بدأ هذا المجلس عمله عرض على الشورى ورفضه في بداية دور الانعقاد الأول، والآن سيعود لكم لتقولوا كلمتكم الأخيرة فيه، فإن صوتم بنعم عليه، فإن ذلك يتطلب عقد جلسة وطنية تجمع المجلسين لتمريره.
ووفقاً لصحيفة البلاد فإن هناك «توجهاً» بالتصويت بنعم يجعلنا نسأل، إذا كان الوضع الاقتصادي كما تعرفون فإن التصويت بنعم غداً هو «لعب يهال» يتجنب فيه غالبيتكم مواجهة الموقف بجرأة وشجاعة، وتفضيل على الاختباء خلف الستار، على مصارحة الناس بالواقع.
أما القول بأنكم حاولتم وأبرأتم الذمة وأنكم قمتم في حدود إمكانياتكم بما تقدرون عليه لزيادة الرواتب فكلها محاولة مكشوفة لن تنجح في إقناعنا، وعليه فإن من سيصوت بنعم غداً فإنه يمثل مسرحية يحاول أن يضحك بها على الناس ويراهن على غبائهم إن هم صدقوه، أما رمي الكرة في ملعب الآخرين فليس بطولة، والكلام لا يلقى على عواهنه.
العمل بآلية الجمهور «عاوز كده»، حيلة لم تعد تنطلي على أحد، الاقتراحات التي تعرفون أنها لن تمر، ليس لأن أحداً لا يريد أن يزيد دخل الفرد البحريني، وليس لأن أحداً لا يشعر بمعاناة البحريني، إنما هناك واقع وهناك افتراضات، والقوانين تحاكي ما هو واقع لا ما هو مفروض.
ومثل ذلك ما قدمتموه من اقتراحات بمنع الموسيقى، ومنع الحفلات الترفيهية، وأنتم تعلمون أنها اقتراحات لن تمر هي الأخرى، ليس لأن الكل فاسد عداكم، وليس لأنكم وحدكم من يعرف الله ومتدين، بل لأن مملكة البحرين تضم مشارب متعددة من المذاهب والأديان والميول، ولمملكة البحرين تاريخ بالتعايش بين تلك الفئات، لا تفرض فئة على الأخرى معتقداتها وميولها، والدولة كانت ومازالت هي المظلة التي تحمي الجميع، هذا الطابع البحريني أنتم ملزمون بالمحافظة عليه وعدم المساس به كسلطة تشريعية، فهمكم الخاص للدين لا يمكن فرضه «بقانون» وإلا غيرتم أحد ثوابت الدولة، وكونكم الآن جزءاً من الدولة يستلزم منكم الحفاظ على ما تعاهد عليه الجميع، ولا يجوز لكم تمكنكم من أدوات التشريع أن تستغلوه لفرض رؤاكم على الآخرين بقوة القانون.
فاقتراحاتكم هذه لا تزيد عن إبراء ذمة لأتباعكم وكوادركم، تعرفون أنتم قبل غيركم أن المجتمع البحريني سيقاوم تلك الاقتراحات وتعرفون أنكم ستشغلون الناس بمعارك ردكم ومنعكم وستهملون ما هو جامع بينكم وبين الناس، بما يفرق بينكم وبينهم، فأين الحصافة والعقل والمنطق الذي يحدد الأولويات في هذه المرحلة الحرجة؟
نتمنى أن تملكوا الشجاعة لمواجهة المجتمع وأبناء دوائركم لتتحدثوا معهم صراحة عما هو ممكن وما هو غير ممكن.
ختاماً نوابنا الأفاضل
ليست بيننا وبينكم «عداوة» وكثير منكم لا نعرفه شخصياً، ونحترمكم «نفراً نفراً» بلا استثناء بدءاً من الرئيس إلى باقي الـ39 نائباً.
إنما وظيفتنا هي مراقبة أدائكم، فأنتم من يمثلنا في مجلس الإدارة التشريعية والرقابية ونحن أعضاء من الجمعية العمومية «الشعب» وهذه الجمعية في حال انعقاد دائم، فتأكلون أنتم الرطب ونحن نعد الطعام بعدكم، إن فهم كل منا دوره فلن يكون موضع خلاف شخصي أبداً بين الصحافة وبينكم وبين المغردين وبينكم.
لا ننظر إلى شكلكم ولا إلى مذهبكم ولا إلى دينكم ولا إلى جنسكم، ولا إلى موقعكم داخل المجلس من رئيس أو نائبيه أو رؤساء لجان، كلكم سواسية عند الناس، ما يهمنا هو أداؤكم ومدى تلاقيه مع المصالح العامة للجمعية العمومية.