بأي صفة «ترفض» الخارجية الأمريكية محاكمة مواطن غير أمريكي في بلده؟ نريد أن تعرفنا الخارجية الأمريكية صفتها في القضية والتي أعطتها الحق وخولتها «برفض أو قبول» محاكمة شخص ما في المحاكم البحرينية؟
الخارجية الأمريكية لا تملك حق الرفض والقبول بمحاكمة حتى الشخص الأمريكي الذي يرتكب جريمة أو مخالفة خارج حدود دولتها، فتأتي اليوم لتقول لقضائنا وقانوننا إنها ترفضه وترفض حقنا كدولة في إنفاذ هذا القانون؟
«الجاستا» وقلنا رأينا فيه لكن لا يمكن لأحد أن يتدخل في قضائكم أو محاكمكم أو سلطتكم التشريعية حين تقره لأنها فعلت ذلك على أرضكم وفي دولتكم، ورغم كونه قانوناً غير شرعي لأنه يخرق اتفاقية دولية وعهوداً بينها، فإن ذلك شأنكم الأمريكي الخاص، إنما ما شأنكم في محاكم وقضاء الدول الأخرى؟ ما دخلكم أنتم في قبول أو رفض قوانين محلية؟ أي وقاحة تلك التي تنسيكم حقوق الآخرين وسيادتهم؟ من أنتم حتى ترفضوا أو تقبلوا؟
وبغض النظر عن القضية ونتائجها، فأنا أكتب هذا المقال الساعة العاشرة صباحاً بعد أن قرأت تصريحكم الاستفزازي في صحيفة اعتادت الترويج لكم دون اعتبار لكرامة أرضها ووطنها، والدم يغلي في عروقي لأن لنا كرامة وعزة نفس واستقلالاً وسيادة، أكتب هذا المقال والجلسة لم تنعقد بعد وأرسل المقال للصحيفة ولا علم لي بالحكم الصادر، لأنه ليس هو المعني ولا الشخص المحاكم هو المعني، فقد تبرئه المحكمة، وسنحترم الحكم الصادر أياً كان لأننا نحترم قضاءنا، إنما المعني الآن هو أعراف دولية مسلمة وبديهة، وضعت الخطوط الفاصلة بين الدول، خرقتها هذه الإدارة الأمريكية بشكل غير مسبوق وستترك بسبب سوء تدبيرها البيت الأبيض والعالم أكثر دماراً وفوضى وأكثر انتشاراً للإرهاب غير المسبوق وأكثر انعداماً للأمن، ومع كل تلك النتائج المخيبة لا تريد هذه الإدارة أن تخرج من البيت الأبيض إلا وقد تركت آثار دمارها على أوسع نطاق ممكن في العالم.
هذا تصريح ما كان يجب أن يصدر من دولة تدعي أنها حليفة، وما كان للصحيفة أن تنشره دون تعليق ينتصر لكرامة البحرين التي أهينت، وما كان لبحريني «خشمه يشم الهوا» أن يمرره دون ردة فعل وتعليق غاضب، من أنتم حتى تعطوا لأنفسكم هذا الحق في التدخل في قضاء الآخرين بهذا الشكل والقضاء منطقة سيادية عالية الحساسية، ألهذه الدرجة استهنتم بكرامة الآخرين وعزتهم، حتى ألفاظكم لم تعنوا باختيارها؟
ألا فاعلموا أن هذه البحرين وإن كانت صغيرة الحجم بالنسبة لكم إلا أن نساءها قبل رجالها معتزون جداً بأنفسهم وبكرامتهم وبقدرهم وفخورون جداً بتاريخهم وبحضارتهم التي تمتد إلى ما قبل الميلاد، دولة صغيرة لكن عمقها التاريخي ممكن أن يعلمكم أصول التعامل والتعاطي مع الآخرين، ولا يمكن أن يقبلوا أبداً هذا التدخل الفج وفرض الرأي عليهم بفوقية وبغرور صلف كالذي فعله تصريحكم الأخير، ولا يمكن أن نقبل بأقل من اعتذار رسمي عن التصريح الأخير.
ليست تركيا وحدها من رد عليكم باقتدار وفرض احترامه لأنه رفض تدخلكم الفج، البحرين هي الأخرى بها شعب عزيز النفس جداً جداً لا يقبل هذه الإهانة.