أخشى ما أخشاه على أبنائنا أن يكبروا وتكبر معهم «مرجلة وطنية» قليلة الدسم، الأمر سيان عنده أن يتعرض بلده للإهانة وللضرر وللخطر فتتلبسه البلادة وبرودة الأعصاب ولا يشعر بأنه أهين كشخص حين يهان وطنه، وإن تحرك، فإنه يتحرك بعد فوات الأوان وبعد أن تكون الإهانة قد استقرت في الوجدان.
أما الطامة الكبرى إن انعدمت تلك المرجلة الوطنية تماماً، أي تكون خالية الدسم ويكون المرء على استعداد أن يصطف مع دولة أجنبية إن هي فكرت بالاعتداء على بلده انتصاراً لفكر مذهبي أو عقيدة أو انتماء عرقي.
ومثلما تربي بعض المرجعيات الفقهية أتباعها وكوادرها على مسح الهوية الوطنية والانتصار للمذهب كذلك تفعل بعض المدارس الأجنبية التي تخرج لنا جيلاً لا يعرف للكرامة الوطنية عنواناً.
قد لا تحمل مناهجهم ما يسيء للوطن، قد يحتفلون في الأعياد الوطنية مع بقية المدارس الحكومية، لكننا نتحدث عما هو أبعد من الاحتفائيات، نتحدث عن قيم وطنية لا تزرع بالاحتفالات، نتكلم عن مشاعر الاعتزاز والفخار بالوطن وبكل رمزياته، نتكلم عن غرس يعنى بالكرامة الوطنية والعزة والسيادة، نتكلم عن الأرض ومكانتها في النفس، نتكلم عن رادارات وأجهزة إنذار مبكرة تدق وتستنفر الحواس حين تمس كرامة الوطن بجرح، تلك قيم تغرس منذ نعومة الأظفار، ولكن مع الأسف لا أرى عناية بها في المدارس الخاصة الأجنبية تحديداً، أما الطامة الأكبر إن كانت حتى المدارس الحكومية لا تعنى بها!!
مرة أخرى لا أتحدث عن الاحتفالات بل عن مناهج وممارسات ميدانية وامتثال وقدوات وقصص الفخار وقصص تعزز الهوية ومعنى الوطنية ومعنى الانتماء للأرض ومعنى العلم ومعنى الكرامة ومعنى الاعتداد بالنفس وبهوية الوطن.
لا يضر المواطنة أن يتقن المواطن اللغة الإنجليزية، إن كان هذا الغرس موجوداً، وهناك من خريجي هذه المدارس من هو محافظ على هويته ومحافظ على اعتداده بثقافته وبتاريخه وبأصوله وثوابته، كما لا يهمنا أن يكون المواطن يتبع في معتقداته الدينية أي دين أو مذهب كان، ما يهمنا هو أن نجتمع على وطن نحبه ونحميه ونرفض الاستهانة به أو إهانته، المهم أن نرى البحريني واقفاً جامداً منافحاً عن بلده لا يقبل أن يهان ولا يرضى أن يمس بكلمة، لا أن يتعاطى مع الإهانة بلا أدنى شعور أو إحساس بالكرامة الوطنية ببلادة حس ولا كأن البحرين الأم البحرين الوطن البحرين الأرض هي التي تعامل باستخفاف واستهزاء، ويمتد هذا التعاطي البارد الحس بتكرار هذه الإهانة ونشرها ومن ثم لا تتحرك فيه ردات للفعل ولا انتخاء ولا مرجلة.
أختم بنصيحة للأهل، للأسر، للعوائل، أن تعملوا أبناءكم من بنات وشباب معنى «المرجلة الوطنية» أي أن يكونوا بحرينيين كاملي الدسم ينتفضون إن مس أحد اسم البحرين بسوء.