لعل أهم ما ورد في المناظرة الثالثة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون هو أن ترامب قال إنه «لربما يقبل بنتائج الانتخابات وإنه سيتركها لعامل التشويق». وهذا أمر لم يحصل في تاريخ أمريكا، فعلى مدى 240 عاماً، لم يظهر مرشح يشكك في نزاهة الانتخابات. ولكن ترامب الذي يواجه تقهقراً في أصوات الناخبين قال إن «الانتخابات سوف تكون مزورة وبأن الإعلام هو الذي يحور الحقائق ويتلاعب بعقول الناس». من ناحية أخرى، كلينتون تمثل قمة الهجوم البارد وتعرف كيف تستفزه، حتى يظهر جنونه للمواطن الأمريكي. وقد نتساءل، كيف وصل ترامب إلى ترشيح الحزب الجمهوري؟ ولماذا اليوم يتخلى عنه الناخبون؟ إن جمهور ترامب هو مؤلف من البيض غير المتعلمين، وقد نجح في استقطابهم من خلال خطاباته الجياشة. فينظر الأمريكي الأبيض الجاهل، للمسلم على أنه «إرهابي»، ويؤمن بأن المهاجر المكسيكي «يزاحمه في سوق العمل». وترامب استعمل تلك السرديات ضارباً عرض الحائط بآداب الخطاب التي هي أمر بالغ الأهمية في أمريكا. وترامب بعجرفته لم يكترث للأعراف التي تقيد الخطاب السياسي وذهب مباشرة إلى ما يمكن أن يولد له شعبية بين عامة الناس. ولكن ما لبث أن انقلب السحر على الساحر، فكل تصريحاته العنصرية دفعت النخبة والأعضاء الكبار في الحزب الجمهوري إلى التخلي عنه، وهذا ما أفقده شعبيته. لكن ترامب الذي تخطى مرحلة العجرفة، ووصل لمرحلة جنون العظمة لم يسع لتسوية الأمور مع الحزب الجمهوري، بالعكس قام بمهاجمة الحزب الجمهوري، حتى إنه قال لبول رايان رئيس الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب بالكونغرس الأمريكي إنه «سيحرص على طرد الأخير من وظيفته إن انتخب رئيساً». وجنون العظمة واضح عند ترامب ففي إحدى المناظرات سأله المضيف عن السبب الذي من أجله يجب على الأمريكي انتخابه رئيساً لأمريكا، فأجاب ترامب بكل عجرفة «لأني رابح ونجمي رابح». ولكن هذه العجرفة ما لبثت أن وظفت ضد مصلحة ترامب. فمثلاً حين واجهته كلينتون بأنه نعت ملكة الجمال السابقة بأنها «آنسة خنزيرة»، وأنها «آنسة أعمال منزلية وذلك لأنها لاتينية»، وكأنه يقول كونها لاتينية لا يجدر بها سوى أن تكون خادمة، فبدل أن يتحلى بالتواضع ويعتذر لملكة الجمال السابقة ويقول إنه غير نهجه، نجده يتمسك بأقواله السابقة العنصرية والمهينة للنساء. وبعد ذلك انهال عليه سيل من الاتهامات من نساء كما ظهر التسجيل الذي يظهر احتقاره لهن. فهو لو اعتذر حين واجهته كلينتون بمسألة ملكة الجمال السابقة، لما كان واجه الادعاءات اللاحقة بالقوة التي هي عليها. فهو لم يعتذر إلا بعد أن صدر التسجيل والاعتذار المتأخر لم يتحل بالمصداقية. كما إن ترامب لو تحلى بالتواضع لربما كانت النتائج ليست مثلما هي عليه الآن، ولكن كيف له أن يكون متواضعاً وهو قد بلغ بعجرفته درجة جنون العظمة.
{{ article.article_title }}
لعل أهم ما ورد في المناظرة الثالثة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب والمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون هو أن ترامب قال إنه «لربما يقبل بنتائج الانتخابات وإنه سيتركها لعامل التشويق». وهذا أمر لم يحصل في تاريخ أمريكا، فعلى مدى 240 عاماً، لم يظهر مرشح يشكك في نزاهة الانتخابات. ولكن ترامب الذي يواجه تقهقراً في أصوات الناخبين قال إن «الانتخابات سوف تكون مزورة وبأن الإعلام هو الذي يحور الحقائق ويتلاعب بعقول الناس». من ناحية أخرى، كلينتون تمثل قمة الهجوم البارد وتعرف كيف تستفزه، حتى يظهر جنونه للمواطن الأمريكي. وقد نتساءل، كيف وصل ترامب إلى ترشيح الحزب الجمهوري؟ ولماذا اليوم يتخلى عنه الناخبون؟ إن جمهور ترامب هو مؤلف من البيض غير المتعلمين، وقد نجح في استقطابهم من خلال خطاباته الجياشة. فينظر الأمريكي الأبيض الجاهل، للمسلم على أنه «إرهابي»، ويؤمن بأن المهاجر المكسيكي «يزاحمه في سوق العمل». وترامب استعمل تلك السرديات ضارباً عرض الحائط بآداب الخطاب التي هي أمر بالغ الأهمية في أمريكا. وترامب بعجرفته لم يكترث للأعراف التي تقيد الخطاب السياسي وذهب مباشرة إلى ما يمكن أن يولد له شعبية بين عامة الناس. ولكن ما لبث أن انقلب السحر على الساحر، فكل تصريحاته العنصرية دفعت النخبة والأعضاء الكبار في الحزب الجمهوري إلى التخلي عنه، وهذا ما أفقده شعبيته. لكن ترامب الذي تخطى مرحلة العجرفة، ووصل لمرحلة جنون العظمة لم يسع لتسوية الأمور مع الحزب الجمهوري، بالعكس قام بمهاجمة الحزب الجمهوري، حتى إنه قال لبول رايان رئيس الأكثرية الجمهورية في مجلس النواب بالكونغرس الأمريكي إنه «سيحرص على طرد الأخير من وظيفته إن انتخب رئيساً». وجنون العظمة واضح عند ترامب ففي إحدى المناظرات سأله المضيف عن السبب الذي من أجله يجب على الأمريكي انتخابه رئيساً لأمريكا، فأجاب ترامب بكل عجرفة «لأني رابح ونجمي رابح». ولكن هذه العجرفة ما لبثت أن وظفت ضد مصلحة ترامب. فمثلاً حين واجهته كلينتون بأنه نعت ملكة الجمال السابقة بأنها «آنسة خنزيرة»، وأنها «آنسة أعمال منزلية وذلك لأنها لاتينية»، وكأنه يقول كونها لاتينية لا يجدر بها سوى أن تكون خادمة، فبدل أن يتحلى بالتواضع ويعتذر لملكة الجمال السابقة ويقول إنه غير نهجه، نجده يتمسك بأقواله السابقة العنصرية والمهينة للنساء. وبعد ذلك انهال عليه سيل من الاتهامات من نساء كما ظهر التسجيل الذي يظهر احتقاره لهن. فهو لو اعتذر حين واجهته كلينتون بمسألة ملكة الجمال السابقة، لما كان واجه الادعاءات اللاحقة بالقوة التي هي عليها. فهو لم يعتذر إلا بعد أن صدر التسجيل والاعتذار المتأخر لم يتحل بالمصداقية. كما إن ترامب لو تحلى بالتواضع لربما كانت النتائج ليست مثلما هي عليه الآن، ولكن كيف له أن يكون متواضعاً وهو قد بلغ بعجرفته درجة جنون العظمة.