لشدة حاجتنا كمجتمع بحريني لوجود قوى سياسية احترافية مهنية «معارضة» كحال أي مجتمع سيظل بحاجة إلى معارضة وطنية تجمع الشمل وتقرأ الواقع وتعادل السلطة التنفيذية بندية احترافية، انتظرنا بيان جمعية وعد بعد مؤتمرها العام يوم أمس الأول، آخر قلاع المعارضة على حد قول الصحيفة، عل وعسى، علنا نرى بصيص أمل يساعد على التعلق بقشتهم وعسى أن نرى تفهماً للمتغيرات، إذ ربما.. نقول ربما تكون تجربة العمل السياسي المشروع قد نضجت بعد 16 عاماً، وبعد فوضى 2011، عل وعسى التفتت للاستفادة من مساحة الملعب المتاحة والعمل على زيادتها للمشاركة في إدارة الدولة، وتلبية احتياجات الناس واحتياجات المرحلة القادمة، ولكننا مع الأسف.. عدنا بخفي حنين.
البحرينيون يبحثون عمن يمثلهم أمام انفراد السلطة التنفيذية بإدارة الموارد وتحصيلها وتشغيلها والعمل على زياداتها، ويرون قرارات تفرض وتشريعات تمر والسلطة التشريعية عاجزة حتى عن مناقشتها مناقشة جادة وعاجزة عن تقديم البدائل، بل عاجزة حتى عن تحريك الأدوات الرقابية المتاحة لوقف الهدر إن وجد أو لمحاسبة الفساد إن وجد، والناس «ملت» من انشغال أعضاء هذه السلطة الذين انتخبوهم بخلافاتهم وشجارهم وانشغالهم بملاحقة من يعترض على أدائهم وتقديمهم للنيابة العامة، تاركين السلطة التنفيذية ومنشغلين بملاحقة بعضهم بعضاً وملاحقة الرأي العام.
والمجتمع البحريني لشدة احتياجه لقوى سياسية تمثله من رأس قلالي شمالاً إلى حد الديب جنوباً ومن سترة شرقاً إلى البديع والزلاق غرباً، على استعداد لقلب صفحة 2011 مع من يقلبها معه، مع من يبدأ صفحة جديدة بقراءة ناضجة لما حدث، وينظر للمستقبل ويبدأ بتلمس مواقع الاحتياج ويتفق معه على الأولويات، وهي أولويات ملحة وكثيرة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتحديات التي تنتظرها والرؤية الحكومية الانفرادية في معالجتها، دون وجود معادل قوي يكون نداً ويملك البدائل، يملك قراره، لا أن يرسل له القرار عبر الأثير!!
لكننا وجدنا وعد هي هي بذات الخطاب الخمسيني والستيني والسبعيني لم يتغير شيء، وسلم أولوياتها المقلوب وانغلاقها على ذاتها ومخاطبتها لنفسها حالة متكررة ميؤوس منها، تعتقد أن «الأزمة» موجودة في كل مكان في البحرين ولا تدري أنها هي الغارقة في أزمتها، لا وجود لدماء جديدة ولا مكان للشباب ولا طرح يخاطب حتى من قاطعهم ومن انفك عنهم واعتزلهم من رفاقهم، طرح يوحي أن وعد مازالت مربوطة بالدراز ولو من باب إبراء الذمة، عين في الجنة وعين في النار، لم تفهم المتغيرات ولم تقرأها ومن أهمها بحث المجتمع البحريني عمن يمثله لا عمن يمثل الدراز!!
هذا المؤتمر انعقد في أفضل الظروف وأكثرها وعوداً ومواءمة لتتقدم أي قوى سياسية تضع احتياجات المرحلة القادمة نصب أعينها وتبحث عن القواسم المشتركة بينها وبين المجتمع البحريني لتجذب لها قواعد جديدة تتقدم الصفوف به لتشغل مقعداً تركه البحرينيون فارغاً ليسير خلفها، إنما لشدة جمودها وانغلاقها لم تدرك حتى إن الجمهور تغير وأولوياته تغيرت واحتياجاته تبدلت، أعلنت عن فتح الستار بعد طول انتظار، وإذا بالجمهور ينسحب من الدقائق الأولى بعد أن اكتشف أن العرض هو ذاته الذي هجره وانسحب عنه أول مرة.
ولهذا سيظل الموقع السياسي المعارض شاغراً ينتظر من سيملؤه ليعترض به على الحكومة لا الحكم، على السلطة التنفيذية لا على الدستور والنظام، يعمل ضمن الأطر الدستورية، على أرضية بحرينية دون استعانة بسفارة أو عمارة، يمثل الاحتياج البحريني الشامل والعام لدولة مستقرة آمنة تعمل مؤسساتها التشريعية المنتخبة إلى جانب سلطتها التنفيذية والقضائية، دولة دستورية ديمقراطية، تحتاج إلى من يساعدها في إدارة الدولة، لا احتياجات مرحلة التحرير والكفاح والنضال واستمرار الثورة!!