بدأ السؤال عن نهاية هذا الذي لا نزال نعاني منه منذ فبراير 2011 يشغل الكثيرين، متى ينتهي؟ كيف ينتهي؟ من الذي يمكنه أن يتخذ قرار إنهائه؟ ما هو دور الحكومة؟ ما هو دور الجمعيات السياسية؟ إلى آخر هذه الأسئلة التي تؤكد أن المواطنين ملوا وتعبوا من أحوال كهذه لم يعتادوها، ويشعرون أنها لا تليق بهم ولا بهذا الوطن.
نحو ست سنوات مرت على بدء هذا الحراك الذي يشبه القفزة المجنونة في الهواء، بل هو كذلك، تأكد فيها أن كل الأهداف التي وضعت من قبل «المعارضة» على اختلافها لم تتحقق، وأن كل الشعارات التي تم رفعها وتحميلها المواطنين عنوة لم ينتج عنها أي مكاسب لهم بل على العكس لم ينالوا منها إلا الأذى، لهذا فإن السؤال عن النهاية وكيفيتها وموعدها صار ملحاً وشاغلاً للجميع.
في مثل هذه الحال من الطبيعي أن ينقسم الناس إلى فريقين، فريق يقول إن الحكومة تستطيع أن توفر الظروف التي تعين على إيجاد مخرج ونهاية لما يحدث وإن عليها أن تعمل في هذا الاتجاه لتشجع «المعارضة» على العمل معها لإيجاد النهاية، وفريق يقول إن من بيده مفتاح النهاية هي «المعارضة» التي عليها أن تؤكد أنها وصلت إلى قناعة بأهمية إيجاد نهاية للمشكلة وتوفر المثال الذي يجعل الحكومة تثق فيها فتتوقف عن الممارسات السالبة والمؤذية للوطن وللمواطنين.
حسب الكثيرين فإن الحكومة قدمت كل ما لديها وإنها لن تقدم المزيد وتنتظر من «المعارضة» أن تراجع نفسها وتقدم مشروعاً واقعياً كي تتمكن من التواصل معها وإخراج البلاد من هذه المشكلة، وحسب الكثيرين أيضاً فإن السبيل الأمثل والأقوم لتحقيق هذه الخطوة هو أن تجتمع «فصائل المعارضة» لتتبين أولاً ما فعلت طوال السنوات الخمس ونيف الماضيات، وكيف أنها تسببت في أذى الناس، وفي الإساءة إلى الوطن ولتعرف كيف صار «موقعها من الإعراب»، حيث لم يعد الكثيرون يثقون فيها ولا يأملون منها خيراً بعدما ثبت لهم بالدليل القاطع أنها رفعت شعارات أكبر من قدراتها وحلقت بعيداً عن الواقع فخسرت الكثير.
اجتماع الأطراف المحسوبة على «المعارضة» من شأنه أن يعينها على مراجعة نفسها ودراسة الواقع وخفض سقف المطالب واتخاذ قرارات لا تتراجع عنها فور أن تتعرض للنقد. لو فعلت هذا فالأكيد أنها ستتمكن من التوصل إلى صيغة يتبين منها أنها عادت إلى الموضوعية والرشد وستتمكن من تقديم مقترحات عملية لحل المشكلة وإنقاذ نفسها، فما ينبغي أن تعلمه جيداً هو أن أغلب الناس لم يعودوا يثقون فيها ولا يأملون منها خيراً، فما جرى عليهم كثير وثقيل وليس من عاقل يقبل أن يواصل في طريق لا ضوء في نهايته بل نهايته معلومة مسبقاً خصوصاً في هذه الظروف غير العادية التي تمر بها المنطقة.
ظروف اليوم تختلف عن الظروف قبل خمس سنوات، وكل المؤشرات تؤكد أن الشعارات التي تم رفعها لا يمكن أن تتحقق، وعليه فإن الاستمرار في النهج نفسه، عناداً أو خشيةَ الاتهام بالتراجع والهزيمة، فيه ظلم كثير للناس الذين أعطوا «المعارضة» ثقتهم واعتقدوا في لحظة أنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها وأنها من القوة بمكان بحيث تستطيع أن تحقق ما وعدتهم به.
أهل البحرين ملوا وتعبوا وضجوا من هذا الذي جرى عليهم ولا يستحقونه، لهذا فإن الحديث عن سبل الخروج من هذه المشكلة في ازدياد ولم يعد أمام «المعارضة» بكل تلاوينها إلا التفكير في أمر الناس عوضاً عن التفكير في أنفسهم وأحزابهم ومصالح من يقف وراءهم و»زهزه لهم» حتى ظنوا أنهم قاب قوسين أو أدنى من تسلم زمام الأمور.