ذهلت حينما قرأت دراسة ماجستير نوقشت عام 1987 للباحث أحمد حسين محمدين في قسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج في مصر، بتفاصيلها عندما وجدت ارتباطاً واضحاً بواقعنا الحالي، وجاءت الدراسة بعنوان «الخبر بالقرآن الكريم».
استنتجت الدراسة أن القرآن الكريم جاءت آياته وسوره تحمل أخباراً من الله سبحانه وتعالى إلى أهل الأرض جميعاً، وقد جاءت هذه الأخبار مشتملة على المقاييس والمواصفات الرامية، مما يؤدي إلى نتيجة حتمية، وهي أن القرآن الكريم سبق رجال الإعلام في الاهتمام بالخبر، وفي وضع الشروط والمواصفات للخبر، وأن ما وضعه رجال الإعلام من مقاييس وشروط مستمدة أساساً من القرآن الكريم.
ومما ذهلت منه أيضاً أنه قبل 30 عاماً أوصت الدراسة بأن تعمل الحكومات في الدول الإسلامية على إنشاء كليات إعلام إسلامية، يدرس فيها الإسلام، وكذلك الإعلام الإسلامي والنظريات الإعلامية المختلفة، والعلوم السياسية والمذاهب المعاصرة والدراسة المقارنة للأديان، فقد قرأت هذه التوصية عشرات المرات وتخيلت لو أنها طبقت على أرض الواقع، فماذا سيحدث؟
الذي سيحدث عند إنشاء مثل هذه الكلية أمران، إما أن يكون ذلك لصالح الأمة العربية والإسلامية في معالجة القضايا العربية الراهنة، أو على العكس من ذلك، فإنها ستتناول القضايا بصورة بعيدة عن الأسس الصحيحة للإسلام، حيث إن القائمين على تلك الكليات إما أن يكونوا ممن لهم الخبرات الواسعة بعيداً عن الارتباطات السياسية، أو أن يكونوا ذوي توجهات سياسية ويوجهون تلك المناهج لتنفيذ تلك الأجندة المنحرفة.
احترت فيما سيحدث، ولكن وجدت أن كليات الإعلام في العالم العربي هي كليات فيها من الأساتذة والطاقات الشبابية التي لا غبار عليها، ولكن لا يمكننا أن نعمم هذا الحديث لعدم وجود دراسات تؤكد ذلك، وبالنظرة الحالية للقائمين بالاتصال بمختلف وسائل الإعلام العربي سنجد أنهم ممن كانوا طلاب بالأمس وهم اليوم قائمون على الاتصال أي أنهم متحكمون بالرسالة الإعلامية قبل بثها ونشرها، وبالتالي فإن المبادئ المغروسة بالقائمين بالاتصال قد تظهر مدى الارتباط بين المدرس والطلاب، مما يعني أن للطاقم التعليمي بتلك الكليات لهم دور رئيس في أغلب المضامين الإعلامية العربية التي يتم إنتاجها.
وبالرجوع إلى الدراسة لا أخفي أن الوضع الراهن يتطلب منا القيام بإنشاء تلك الكليات، نظراً لما تشهده المنطقة من حرب عقائدية بحته تستهدف الإسلام بشكل مباشر، وأن إنشاء تلك الكليات بكوادر مؤهلة تضع راية الإسلام ضمن أجندتها، سينشأ جيل قائم وفق أسس صحيحة، ولكن تلك الكوادر ستعمل في مؤسسات إعلامية التي استفحلتها العقول القائمة على جني الأرباح للتسويق لليبرالية الهدامة والسلع الثقافية الأمريكية التي تستهدف العقول لهدم مجتمعاتنا الإسلامية، وسيكون ذلك التحدي الأبرز للأجيال القادمة.
لا يخفي على الجميع أن الأمة الإسلامية لديها تحديات على جميع الأصعدة، ولكن الصعيد الإعلامي يحتاج من الحكومات بالدول الإسلامية أن تسهم في إنشاء كليات إعلام إسلامية، لأن الإعلام تخصص من التخصصات التي تعتمدها الأنظمة السياسية في تنفيذ أجنداتها في السيطرة على الشعوب، وهذا الحديث لا يحتاج إلى دراسة، هو واقع نعيشه فباتت الأنظمة الحاكمة لا تستمر بقوتها من دون جهاز إعلامي معاصر يحاكي الواقع ويتفاعل معه، فإنشاء كليات إعلامية إسلامية قائمة على تلك الممارسات الإسلامية الصحيحة وتأخذ منهجها من القرآن الكريم والسيرة النبوية سيحدث تغييراً في موازين الإعلام العربي والإسلامي وسيكون جبهة قادمة تنافس الجبهة الأخرى القائمة على العقيدة الليبرالية الرأسمالية.
* زاوية محلية:
مع اقتراب إقرار ميزانية الدولة لعامي 2017- 2018، فإننا سنشهد مجموعة من الأحداث التي تستهدف المكتسبات الوطنية، ننصح المواطنين بعدم الانجرار وراء تلك المسرحيات التي سيقوم بها النواب، فالتركيز على المطالب الأساسية هي الهدف الأبرز، وننصح أعضاء مجلس النواب أن ينظروا إلى مصلحة الوطن فالأجيال القادمة تنتظر أن تصنعوا لهم جسور تواصل ليبنوا فوقها فلا تجعلوا مصيرهم يواجه المجهول.
* رؤية:
قد يكون الماضي مؤلماً، فلا ينفعك الندم على ما فات، فالبقاء بحاضرك ورسم مستقبلك سيجعلك تضحك على الماضي!