سبق الاجتماع العاجل الذي عقدته منظمة التعاون الإسلامي مؤخراً لبحث إطلاق ميليشيات المتمردين الحوثيين صاروخاً باليستياً إيرانياً على مكة المكرمة، حملات إعلامية كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتعليق عضوية طهران أو طرد إيران من المنظمة كونها الداعم الرئيس والأول لميليشيات الحوثي التي تسبب صاروخها الباليستي الإيراني المستهدف لمكة بموجة غضب واسعة في كافة أرجاء العالم الإسلامي.
وكان سقف الطموح لمن طالب بطرد إيران أو تعليق عضويتها في منظمة التعاون الإسلامي كبيراً جداً، ولا غرابة في ذلك، باعتبار أن المكان الذي استهدفه صاروخ الحوثيين ليس أي مكان، بل هو أطهر مكان على هذه الأرض، فمكة المكرمة تشرفت بوجود بيت الله الحرام قبلة المسلمين، لذلك فإن التفكير -مجرد التفكير- بإلحاق الضرر بمكة أمر غير مقبول أبداً عند المسلمين، فما بالنا بمن بيت نية استهدافها بل ونفذ أيضاً؟
المسلمون في كل بقاع الأرض عبروا عن غضبهم الشديد بعد استهداف مكة، وطالبوا باتخاذ «خطوات جادة جداً» تجاه هؤلاء الحوثيين وبالذات الإيرانيين الذين لم يكتفوا بالدمار الذي تسببوا فيه لأمة الإسلام، حتى سول لهم شيطانهم وحثهم على استهداف أطهر بقاع الأرض، لذلك كانت هذه المطالبات بتعليق عضوية إيران بل وحتى طردها من منظمة التعاون الإسلامي هي أقل القليل عند المسلمين، فكيف يعقل أن تكون هناك دولة عضو في منظمة للمسلمين وهي تستهدف بصواريخها من خلال أذنابها مكة المكرمة؟ فبالتأكيد هذه الدولة لا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي ظرف من الظروف، أن تكون عضواً في تلك المنظمة.
وطوال الأيام التي سبقت الاجتماع تعددت المطالبات من قبل سياسيين ورجال دين وأكاديميين وأساتذة جامعيين بضرورة ردع إيران التي تمادت في في طغيانها وتدخلاتها في شؤون الدول العربية، ووصل الأمر عن البعض إلى المطالبة بتشكيل قوة عسكرية إسلامية تردع إيران.
ولكن ماذا حدث في ذلك الاجتماع العاجل والاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي؟ الذي حصل هو صدور بيان إدانة من قبل اللجنة التنفيذية للمنظمة، وأقتبس منه التالي: «دانت اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي بـ«أشد العبارات» ميليشيات الحوثي وصالح ومن يدعمهما ويمدها بالسلاح والقذائف والصواريخ لاستهداف مكة المكرمة»، واعتبر بيان المنظمة أن «من يدعم الميليشيات الحوثية وصالح ويمدهم بالسلاح ويهرب الصواريخ الباليستية والأسلحة إليهم يعد شريكاً ثابتاً في الاعتداء على مقدسات العالم الإسلامي وطرفاً واضحاً في زرع الفتنة الطائفية وداعماً أساسياً للإرهاب». «انتهى الاقتباس».
لا نعرف ماذا دار بالضبط في أروقة هذا الاجتماع العاجل؟ ولكن ما قرأته هو مجرد «بيان إدانة» فقط، لم يحمل توصيات بتعليق عضوية إيران، بل إنه لم يأتِ على ذكر إيران صراحةً، والسبب في اعتقادي يعود لأحد أمرين، إما أن المنظمة لم تستطع إثبات ضلوع إيران في الهجوم على مكة من خلال أدلة قاطعة، أو أن المنظمة لم تجرؤ على اتهام إيران لأسباب قد تكون سياسية.
اعتقد البعض أن بيان المنظمة سيكون أكثر وضوحاً في التعامل مع الحدث الذي هز مشاعر المسلمين كافة عندما كان الصاروخ الحوثي مصوباً باتجاه مكة المكرمة، ولكن هذا لم يحدث، وستعلق الآمال من جديد على دعوة المنظمة لوزراء خارجية الدول الإسلامية لعقد اجتماع في مكة خلال الأسبوعين المقبلين، واتخاذ قرارات تتعلق بالمعالجة الحاسمة والرادعة لهذا الاعتداء الآثم.
المطلوب في الفترة المقبلة تعامل أكثر صرامة مع المتمردين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ومن يقف خلفهم مثل إيران، فالتساهل يعرض السعودية للمزيد من الاعتداءات، فإذا هانت مكة المكرمة على ميليشيات الحوثي فكل المناطق في السعودية ستكون مستهدفة، وقد قرأنا أمس تهديد المتمردين بإطلاق المزيد من الصواريخ التي سوف تستهدف السعودية، وهو ما أعلن عنه العميد شرف لقمان التابع لميليشيات الانقلابيين، الذي قال إنهم «يملكون مخزوناً استراتيجياً من قوة الرد الصاروخية ما يمكنهم من خوض المعركة حتى النهاية ضد التحالف» العربي بقيادة السعودية، لذلك لا بد من الحزم والحسم مع ميليشيات الحوثي وصالح.