أرى بأنه بات من المناسب اليوم الحديث عن وزارة الإعلام، خاصة مع رعاية صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، حفل تدشين عدد من المشاريع الخاصة بتطوير تلفزيون البحرين ومركز الأخبار وافتتاح المبنى الخاص بمركز الاتصال الوطني.
وزارة الإعلام، من الوزارات الثقيلة بالنسبة لعملية التغيير والتطوير، وأي وزير يتحمل مسؤوليتها يلاقي من الصعوبات الكثير، ويتعب أشد التعب، لأن التركة فيها ثقيلة، ولأنها تركة فيها تراكمات لعقود.
أقول هذا الكلام من واقع قرب، كوني أحد من عملوا في هذه الوزارة خلال حقبها المتعددة، وأدرك تماماً كإعلامي حجم التحدي وعظم المسؤولية التي تقع على عاتق كل من يمسك المسؤولية فيها، فالناس تتطلع للتغيير الفوري وبين ليلة وضحاها، وحتى قبل أن يستقر أي وزير في مكتبه ويرى ما له وما عليه.
الأخ الفاضل علي بن محمد الرميحي وزير الإعلام، والذي بفضل توفيق الله، وثم بدعم القيادة السياسية، يمضي بخطى ثابتة وهادئة فيها من التأني والدراسة الكثير، وهو رجل من رجال تلك المرحلة الحاسمة في تاريخ البحرين حينما تعرضت بلادنا للاستهداف، فكان من المجاهدين لأجل بلاده من بوابة الإعلام حينما كان رئيساً للهيئة، ويومها رأيناه رأي العين كيف يعمل.
بالتالي الرهان على الرميحي نثق بأنه سيكون في محله، فالرجل لم يتسرع في الحديث والتصريح عن خططه ومشاريعه، بل أخذ يدرس الوضع بشكل أكبر من منطلق مسؤوليته وتحمله لاتخاذ أية قرارات من شأنها تغيير خارطة الإعلام الرسمي للأفضل أو العكس.
وعليه فإن فترة الهدوء السابقة إن اعتبرناها كمشاهدين لتلفزيون البحرين، لم تكن فترة هادئة للوزير الرميحي أو طاقمه العامل على التخطيط ورسم استراتيجيات جديدة، والأهم استقراء آراء الشارع والمتلقي، بل كانت عملية بناء، لكنها بناء ذكي يتم بهدوء، حتى يتم التأكد من أن جميع المخرجات ستكون على قدر الطموح وفق الإمكانيات المتاحة.
تسنت لنا فرصة مقابلة وزير الإعلام عدة مرات لنقل رسائل مهمة للإعلام من قبل قيادة البلاد، وشهادتنا مجروحة في هذا الرجل الذي مازلنا نرى أن المنصب والكرسي لم يغير في سماته وصفاته شيئاً، بل بالعكس حمله مسؤولية أكبر تجاه موظفي وزارته وتجاه الرسالة المفترض أن تقدمها وزارة الإعلام.
شخصياً كان الوزير الرميحي أول المسؤولين الذين قابلتهم بعد عودتي من تركمانستان إثر حصولي على وسام آسيا للصحافة، ونقل لي في تلك الجلسة تهنئة وتحيات جلالة الملك حفظه الله، وكانت فرصة أن أسبر أغوار ملفات إعلامية حائرة لدي بالضرورة كإعلامي، فكان أجمل ما اطلعت عليه هي تلك الخطط والاستراتيجيات التي يعدها الوزير بالاعتماد على الطاقات الشبابية البحرينية المبدعة، وباستغلال الكفاءات الموجودة.
الفيديو الذي تم تداوله قبل يومين كتمهيد لتدشين تلفزيون البحرين ببرامجه وحلته الجديدة، فيه رسالة واضحة أسعدتني كشخص أؤمن بأن المستقبل دائماً في يد الشباب، وبالتحديد أكثر في يد الشباب المبدعين الذين لو منحوا الفرصة، ولو أعطوا الثقة لوجدتهم يبدعون ويصنعون الفارق، فما بالك لو اقترنت المسؤولية والثقة بخدمة الوطن وباسم البحرين، أقسم بأنك ستجد شباباً لا ينامون ليلهم فقط حتى يقدموا للناس كل ما يستجلب الإشادة والإبداع.
التغيير نتوقعه بشكل مؤثر عبر الشاشة، وبأسلوب يكون قريباً أكثر للمواطن البحريني، وبطرح يكون ممثلاً ومعبراً له.
اليوم في عالم الإعلام المتطور والفضائيات المتفوقة التي تعتمد على موازنات ضخمة، من الصعب جداً مقارعة الخارج في ظل محدودية الموازنات والأوضاع الراهنة، لكن يمكنك بكل بساطة مقرونة بذكاء مبرمج، أن تجعل شاشتك هي بيت المواطن البحريني الأول، حينما تتحول لموصل لهمه ومجس لنبضه ومنبر لحل مشكلاته.
شخصياً أراهن على ما يمضي فيه وزير الإعلام، فهو شخص أثبت مراراً استحقاقه لثقة القيادة فيه، وثقة الناس الذين يتعاملون معه، وثقة الإعلاميين الذين في تواصلهم معه لا يحدهم أي حاجز أو عائق.
مركز الاتصال الوطني أحد الأعمدة القوية التي ستعزز من دور الإعلام الرسمي، وهو بمثابة جهاز إعلامي يعمل بخصوصية وبأهداف محددة، تركز على إبراز منجزات البحرين ومشروع جلالة الملك الإصلاحي، وتوحيد الخطاب الرسمي، والتنسيق بين مفاصل الدولة إعلامياً، بحيث تكون لدينا رسالة موحدة، ومنبر وطني هدفه خدمة البحرين والدفاع عنها.
كل التوفيق نتمناه للزملاء في وزارة الإعلام، كلنا ثقة في قدراتهم وعطائهم الوطني، والنجاح نتمناه للوزير، وخيراً فعل بأن أخذ وقته ودرس الوضع بعناية ووضع تصوره وشارك به الجميع واعتمد على الشباب المبدع المؤهل، والنقطة الأخيرة بحد ذاتها تدفعنا لرفع القبعة له احتراماً وتقديراً.