كإعلاميين، ما شهدناه أمس في حدث أعتبره «ولادة جديدة» لمنظومة الإعلام البحريني، أجزم بأن كثيراً منا يراه «نقطة فارقة» بالنسبة لتاريخ وزارة الإعلام.
إن كان البعض ظن بأنني استبقت الأحداث في مقال أمس بشأن التغييرات الجديدة لوزارة الإعلام وباقة قنوات البحرين بشكلها الجديد وبرامجها المستحدثة، فإنني بعدما رأيته أمس، أقول بأنني لم أصل حتى لربع الإنصاف الذي يستحقه وزير الإعلام علي الرميحي وكتيبة العاملين معه من الزملاء المجتهدين في وزارة الإعلام جميعهم بلا استثناء.
مستوى رائع يصل لدرجة الإبهار، لكننا لسنا نتحدث فقط عن الإبهار البصري، بل نتحدث عن المضمون الذي يعد بالكثير، والذي أكد الرميحي بأنه سيكون هدفه المواطن البحريني، وطبعاً مملكة البحرين التي لا نملك أغلى منها.
وقبل الخوض في التفاصيل، من المهم القول هنا بأن الابتسامة العريضة والرضا الواضح لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله، لما رآه وتابعه من تطوير لافت، مشهد يختصر الكثير.
الأمير خليفة أكبر داعم للإعلام الوطني سواء كان إعلاماً مرئياً أو صحافة مكتوبة، طالما هذا الإعلام يصب جهوده لخدمة البحرين وأهلها، وطالما أهل هذه المهنة يعملون بجد وإخلاص ووطنية لأجل وطنهم وللذود عنه بأسلحتهم الإعلامية.
هذا هو الخط الوطني الصحيح للإعلام المخلص، الذي يساعد في البناء، الذي ينتقد بحيادية وعقلانية ليسهم في مسيرة الإصلاح عبر مساعدة الدولة في كشف العيوب لتعالجها وتقدم الأفضل، وحتى يكون سداً قوياً مدافعاً عن الوطن ضد موجات الاستهداف من كل اتجاه، مدافعاً لا بأسلوب الدفاع، بل بأسلوب المبادرات والعمل المنظم والاستراتيجيات الذكية، بالتالي نجاح جهود الوزارة في تحويل قطاع مثل الإعلام الخارجي إلى مركز ضخم للإعلام الوطني يضم عدداً كبيراً من الأشخاص المؤهلين الذين سينتقون بعناية، هو بحد ذاته مكسب نعتز به، وسلاح مهم في هذه المرحلة.
إشادتنا بجهود الوزير علي الرميحي أمس، جاءت لتتفق مع ما أكد عليه الأمير خليفة بنفسه، حينما أشار للخطوات الكبيرة الواضحة التي قام بها هذا الوزير القدير الذي استحق الثقة وكان بالفعل رجلاً مناسباً في مكان مناسب، إنجازات ملموسة تمت في وقت قصير، لم ينسبها الوزير الرميحي لنفسه خلال كلمة الافتتاح أو المؤتمر الصحفي، بل تكلم بصيغة الجمع شاملاً الجميع دون استثناء، في مؤشر طيب على وجود مسؤول حكيم في عمله نحمد الله أن المنصب والكرسي لم يغيره، بل على العكس، هو يقدم مثالاً رائعاً للمسؤول الذي يتفانى في خدمة قطاعه.
وكعادته لم يترك الأمير خليفة مناسبة مثل هذه دون قضاء أكثر من ساعة ليتحدث فيها مع كتاب الأعمدة والصحفيين، كلام من القلب من رجل ملك قلوب البحرينيين بصلابة مواقفه وخوفه على الوطن، فخليفة بن سلمان كما قلنا مراراً هو واحد منا، هو الإعلامي والصحفي والمواطن والغيور الذي يشاركنا الهم، والذي يدعم الكلمة الوطنية الصادقة، والذي لا يقبل إلا بالتفاعل مع ما نكتب، إضافة للفتة الكريمة بتهنئته كوادر الوزارة فرداً فرداً، شاداً من عزمهم مانحاً إياهم طاقة إيجابية للعمل وخدمة البحرين.
ابتعدنا في تساؤلاتنا عن الإبهار البصري المتمثل بأستوديوهات جديدة وعلى مستوى عالٍ من الجمالية والاحترافية، وهي تأتي في إطار عملية تغييرات تحسب للوزير الرميحي القيام بها دون طلب اعتماد مالي إضافي، بل مثلما قال بالاستفادة من عملية «إدارة المال»، أي الميزانيات المتوفرة، وبالاستفادة من القدرات البحرينية الشابة والشركات البحرينية المعنية بالإعلام والإنتاج وغيرها من موارد واضح بأن عملية الترتيب والتنظيم كان لها الدور الأكبر في تحويل الطموحات لحقيقة واقعة. أقول بعيداً عن الإبهار البصري، يبقى المضمون الذي نأمل من ورائه الكثير، حزمة البرامج المقدمة والتي تديرها وتقف وراءها خبرات بحرينية لها باعها الإعلامي متمازجة مع طاقات شبابية لديها حضور متميز يعد بالكثير، هذا المضمون الذي نراهن عليه، هذا المحتوى الذي يفترض أنه سيعيد المشاهد البحريني وحتى المقيم لمتابعة الشاشة الصغيرة، حين يجد فيها ضالته، وحينما تعبر عنه، وتنقل نبضه، وتساهم في حل مشاكله، وتكون صوته في الدفاع عن بلده، مثلما كان تلفزيوننا البحريني صاحب دور قوي في محاولة الانقلاب الآثمة التي استهدفت بلادنا، وكان للرميحي دور مهم حينها في إدارته، وهو ما جعله يذكرنا في كلمته بأن الخطوط الحمراء في إعلامنا متمثلة بهويتنا الوطنية وثوابتنا وعلاقاتنا مع الدول الشقيقة، وهي تجسيد لتوجهات قيادتنا، ولتأكيدات سمو رئيس الوزراء الدائمة بأن إعلامنا الوطني هو خط الدفاع الأول عن البحرين. ما حصل أمس، أمر يدعو للتفاؤل الذي يسبق الإشادة، منعطف مهم لمسيرة الإعلام البحريني الرسمي، والذي يسعى للخروج من صفة الرسمية والاقتراب أكثر من التحول لإعلام يجد المواطن فيه منبراً مدافعاً ومعبراً عنه.
يأتي الدور علينا لدعم هذه الجهود، بالتفاعل معها، بمنحها الفرصة، فلا ننسى أن وراء ما نراه جهوداً مضنية، وجنوداً كثراً مجهولين، وشخوصاً تصل نهارها بليلها لتقدم لنا مادة تليق وتفيد، بالتالي لهم التحية ولا ينتقص منهم أبداً، بل نفرح حينما نرى هذا العزم والنشاط والحماس لدى الشباب قبل الكبار، لدى كوكبة جميلة من شباب البحرين الذين قبلوا التحدي وبإذن الله هم أهل له. وهنا المسؤولية موجودة أيضاً بالنسبة للقطاع الخاص والشركات الوطنية، إذ لا بد للإعلام من رافد وداعم دوماً، وقناتنا الرسمية اليوم في انطلاقتها الجديدة الواعدة لا بد وأن يكون لها داعم وسند، وهنا يأتي دور القطاع الخاص بالدعم الإعلاني وحتى بالمشاركة في الإنتاج وبتني الأفكار. سنشهد الفترة القادمة صناعة نجوم شباب، أجزم بذلك، وسنجد نظرة تتغير تجاه شاشتنا، أؤمن بذلك، عوامل النجاح موجودة، لمستها شخصياً أمس، رغبة في العمل في ظل قيادة لديها «إنكار ذات» حقيقي، لديها هدف واحد اسمه البحرين وشبابها وأهلها.
شكراً للأمير خليفة على دعمه اللامحدود، أمس كان يوماً فارقاً وسعيداً بالنسبة له بلا شك، وبالتوفيق لعلي الرميحي وكتيبته من الشباب وأصحاب الخبرة، نعول عليكم ونثق بكم، ودامت لنا البحرين بكل خير.