الجميل في العلاقة البريطانية البحرينية أنها تعزز وثائق وروابط تاريخية إنما برؤية عصرية.
بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبعد تزعزع العلاقات الخليجية الأمريكية والبحرينية الأمريكية بالأخص، وبعد انفكاك بريطانيا من الفلك الأمريكي الذي كانت تدور فيه خاصة في عهد حكومة بلير، أصبح تعزيز علاقة الدولتين «بريطانيا والبحرين» أكثر إلحاحاً عن ذي قبل، فما كان من القيادتين إلا التقاط هذه الحاجة واستثمار العلاقة التاريخية وتوظيفها من جديد.
منذ السفير السابق السيد إيان لينزي والعلاقة البحرينية البريطانية تتوثق أكثر والموقف البريطاني يزداد وثوقاً واقتراباً من الموقف البحريني، لقد كان هناك تفهم كبير لحقيقة الإصلاحات البحرينية والتحرك نحو تعزيز التجربة الديمقراطية، وأثلجت تصريحات السفير السيد لينزي أيام الانتخابات صدورنا، ولن ننسى موقفه حين ذاك، بأن البحرين ماضية في تقدمها ونجاحها وإصلاحاتها.
الجميل في الأمر أنه ليست الملكية البريطانية فحسب كعائلة مالكة هي من توثق علاقاتها بعائلة الحكم في البحرين، بل حتى الحكومات المتلاحقة هي الأخرى من يرى في التجربة البحرينية أصالة وجدية.
فالتعاون البحريني البريطاني الأمني والحقوقي والقضائي يجري على قدم وساق، والاستعانة بالخبرات والتجارب البريطانية كشركاء لنا استعانة تدل على أن البحرين لا تطلق التصريحات في الخواء على جديتها في الإصلاح والتغيير، بل يشهد على جديتها عدد المستشارين والزيارات المنتظمة للمؤسسات الأمنية وإدارة السجون وهيئات التظلمات وكلها دوائر أشادت بريطانيا ومستشاروها بمدى التزام البحرين بالعمل على إصلاحها وتطويرها وفق الأنظمة والقوانين الدولية.
هذا النوع من الشركات هو ما تحتاجه البحرين وهو ما تحتاجه أي شراكة جادة في التطوير لا تتخذ من الملفات الحقوقية حصاناً لطروادة لتفرض على الدولة أجندات لا علاقة لها بالملف المثار.
وعلى صعيد آخر تتحرك بريطانيا في المنطقة الآن وفق استراتيجية تعيد ترتيب دورها الدولي والإقليمي حافظاً على مصالحها في المنطقة بعد أن انحسر هذا الدور وظل حبيس الفلك الأمريكي، يأتي هذا التحرك في ظل انحسار الدور الأمريكي وضعفه وتردده، أي أنها تملأ فراغاً تركه الأمريكان في المنطقة.
دعونا لا نستعجل الأمور ونتركها لتنمو بشكل طبيعي بين الدولتين، ودعونا نشجع تعزيز هذا النمو وندعمه طالما حافظت فيه البحرين على سيادتنا وتمسكنا بحرية قرارنا وطالما احترمت بريطانيا حقنا في منعها هي أو غيرها من التدخل في شؤوننا، وبتبادل الاحترام بين الطرفين ينمو هذا النوع من العلاقات بشكل يعود بالنفع على الشعبين.
فبريطانيا تعرف المنطقة وتعرفنا جيداً منذ أكثر من 200 عام، وفي النهاية لا يختلف اثنان أنه مهما بلغ «الشطط» البريطاني مداه في التخبط أو التراجع أو التردد بينها وبين أي طرف آخر، إلا أنه يبقى في حدود الخلاف الذي يبقي على الاحترام مكاناً، ولن يبلغ مهما بلغ الجنون القادم من صوب الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوز ترامب!!