لا يفوّت صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، فرصة للدعوة إلى الانتقال من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد بين دول الخليج العربي الستة إلا ويستغلها الاستغلال الأمثل، أملاً في أن يتحقق هذا المشروع الذي ولد مع ولادة مجلس التعاون الخليجي وصار أمنية شعبية، وأكده أصحاب الجلالة والسمو في العديد من المناسبات، حتى وصل إلى مرحلة المشروع المتكامل، الذي قدمه العاهل السعودي الراحل، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراه، في صيغة واضحة تعبر عن الرغبتين الشعبية والرسمية، وتم تكليف العديد من اللجان المتخصصة لدراسة تفاصيله. وبما أن القمة الخليجية التالية ستنعقد في البحرين في النصف الأول من ديسمبر المقبل، لذا أعاد صاحب السمو على الأسماع تلك الدعوة التي ظلت تشغله فقال خلال استقباله عدداً من المسؤولين والسفراء والمواطنين الأحد الماضي بمجلسه بقصر القضيبية العامر إن «الاتحاد هو الهدف الذي لا مناص عنه»، وإنه «ضرورة تفرضها المرحلة لما تموج به من تحديات أمنية واقتصادية وأخطار جسيمة لا يمكن مواجهتها إلا بتقوية التعاون والانتقال به إلى مرحلة الاتحاد»، وبشر بأن «القمة الخليجية المقبلة ستكون فاعلة وستقوي البيت الخليجي وتزيد من تماسكه»، ما يعني أن توجهاً نحو إيجاد صيغة تشجع على التحول من التعاون إلى الاتحاد تتبلور وأن العمل في الكواليس جارٍ على تهيئة الظروف ليتحقق هذا الحلم الجميل.يستند صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان في رؤيته هذه إلى خبرة طويلة وممارسة للعمل السياسي ودراية بأوضاع المنطقة وحكمة يتصف بها ويتميز. من كل هذا ينطلق سموه فيدعو بثقة إلى الإسراع في تحويل التعاون إلى اتحاد بين دول المجلس الـ6، فمن دون هذه الخطوة لن تتمكن دول المجلس من مواجهة الأخطار المحدقة بها وبالمنطقة حالياً وتلك المتوقعة مستقبلاً وتنذر بالشرور. التغيرات المتلاحقة والعنيفة في المنطقة تستوجب التكتل، والأكيد هو أن أياً من دول التعاون لن تستطيع مواجهة تلك التغيرات منفردة، ذلك أن الاستمرار في صيغة التعاون لا يعين على المواجهة بالشكل المطلوب، الأمر الذي يعرض كل دول المجلس للخطر وقد يؤدي إلى تفكك المجلس الذي لا بد له من مواكبة المتغيرات والتفاعل مع الظروف الجديدة في المنطقة.كمثال على ذلك، لا تستطيع دول مجلس التعاون منفردة مواجهة إيران التي تحاول اختراق دول الخليج العربية بذريعة حماية الأقليات، ولا تستطيع أن تحارب الإرهاب لو تمكن من بعضها إلا بالوقوف صفاً واحداً في وجهه. دول مجلس التعاون ستصير دولاً ضعيفة لو استمرت في موقفها السالب من مشروع التحول إلى الاتحاد الذي هو في كل الأحوال اتحاد كونفيدرالي لا يفقد أياً منها سلطتها ولكن يظهرها ككتلة واحدة في مواجهة الآخر، لذا فإنه لم يعد أمامها خيار سوى أن تتكتل وتنضوي جميعها تحت لواء واحد يمنع كل معتدٍ من الإساءة إليها.شعوب دول مجلس التعاون تأمل أن يتخذ أصحاب الجلالة والسمو في قمة المنامة قراراً بالتحول الفوري إلى صيغة الاتحاد، فمثل هذا القرار من شأنه أن يشعرها بالأمان ويؤكد لها أن أحداً لن يتمكن من اختراق أي من الدول الخليجية الست ولن يتمكن من مواجهتها لأنها ستكون كتلة صلبة وجداراً يصعب اختراقه. لن يتوقف صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة عن محاولة إقناع أصحاب القرار باتخاذ القرار الذي تأخر كثيراً ويمهد الطريق لتصير دول الخليج العربي الـ6 دولة واحدة، وسيسعى جاهداً إلى تحقيق هذا الحلم، ومن يعرف سموه يدرك أنه لن يفوت أي فرصة يمكن أن تؤدي إلى تحقيق هذا الهدف.