كانت هنالك عشرات الأسئلة المبهمة التي لم تكن ترغب الكثير من وزارات الدولة ومؤسساتها الرسمية الإجابة عليها والتي طرحناها خلال العام الحالي فيما يخصّ قضايا تتعلق بالتوظيف والتقشف والميزانية وعدم إعطاء الأولوية للكفاءات البحرينية وغيرها من الهموم التي تشغل بال المواطنين والصحافة معاً، لكننا اليوم وبعد قراءتنا لتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية 2015-2016 عرفنا سر صمت الكثير من المؤسسات الحكومية وعدم رغبتها الإجابة على أسئلتنا التي تناولناها خلال العام الحالي، من باب «إذا عرف السبب بطل العجب».
عرفنا من خلال تقرير ديوان الرقابة الإدارية والمالية أن هناك 351 موظفاً بمعهد البحرين للتدريب لم يسكنوا على جداول الخدمة المدنية، وعرفنا لماذا كان أداء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هزيلاً حين منحت أمينها العام السابق معاشاً تقاعدياً رغم استمراره بعمله دون وجه حق وغيرها من القضايا المؤسفة داخل هذه المؤسسة. وعرفنا أن هنالك أكثر من 59 ألف عامل غير نظامي في البحرين في العام 2015، وعرفنا لماذا لم ترغب الزراعة في توظيف أحد حين طرح التقرير أن هناك 64 وظيفة شاغرة في «الزراعة»، و58 انتهت خدماتهم دون سد شواغرهم، وعرفنا لماذا «يشحت» الباحثون عن العمل على بوابة وزارة العمل حين كشف التقرير أن هنالك 1230 ديناراً إعانة ضد التعطل تم صرفها لغير مستحقيها الفعليين. وعرفنا لماذا صرفت «بوليتكنك» 5 آلاف دينار كمكافأة غير قانونية لإداريين فيها وكذلك مخالفتها صرف بدل ساعات العمل الإضافي، ناهيك عن أن الكلية جددت عقد 100 أكاديمي أجنبي دون التحقق من توافر كوادر بحرينية يمكنها شغل تلك الوظائف. وعرفنا كيف قام رئيس الأوقاف الجعفرية بتأجير عقارات بشكل فردي إضافة لفضيحة مسجد الشيخ عزيز. وعرفنا كيف تم إعفاء الرسوم عن حسابات أنشطة تجارية لمدة 32 سنة، ولماذا تم الاستغناء عن عقارات عقب 10 أعوام من استملاكها، وعرفنا أن هنالك 10 آلاف سجل تجاري لدى سوق العمل عليها 52 ألف عامل حساباتها لدى هيئة الكهرباء والماء مغلقة، وعرفنا أن شركة «إدامة» نفذت مشروعين فقط بقيمة 185 ألف دينار ولم تعقد أي اجتماع لمجلس الإدارة خلال العام 2015، أما هيئة تنظيم الاتصالات فإنها ترسل معلومات غير صحيحة إلى مجلس المناقصات بشأن بعض المشتريات، وعرفنا وعرفنا وعرفنا الكثير الكثير من الفضائح التي تزكم الأنوف والتي لا تتسع هذه السطور المتواضعة لطرحها كلها، وعرفنا لماذا ظلت الكثير من الجهات الرسمية صامتة صمت المقابر بسبب هذا الفساد العظيم حين كنا نثير الكثير من مشاكل المجتمع والناس هنا.
سننهي المقال، لكن من المستحيل أن نظل صامتين عن كل مفسد يعبث بممتلكات الدولة والشعب، وسنلاحق إعلامياً كل مسؤول أو موظف لا يرغب في تصحيح أوضاع المؤسسة الرسمية، ومن جهة أخرى نطالب النيابة العامة البدء في عملها ومحاسبة كل من ورد ذكر اسمه أو مؤسسته في تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية لأجل تصحيح ما يمكن تصحيحه للمرحلة القادمة. كما يجب أن يأخذ القانون مجراه، وكذلك نطالب بإنصاف كل بحريني تضرر بسبب هذا الكم الهائل من الفساد.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}