استقبل العالم خبر فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية بذهول، وقد ربح ترامب بعد أن كانت كل المعطيات والمؤشرات تدل على أنه سيخسر الاقتراع، ففي الليلة التي سبقت الانتخابات نشر تقرير لـ«رويترز» مع «ابسوس» كشف أن احتمالات فوز كلينتون بالانتخابات تصل إلى نسبة 90%، كما أن نتائج الاقتراع المبكر شهدت تفوق المرشحة الديمقراطية الخاسرة هيلاري كلينتون على ترامب. والسؤال كيف يمكن أن تكون كل التوقعات خطأ؟ ولماذا؟ ومن صوت لترامب؟ وقد قال ترامب في خطاب النصر إنه «لم يكن لديه حملة ولكن حركة». نعم ما تشهده اليوم أمريكا هو حركة أو بالأحرى ردة فعل على سياسات الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما وقد قال رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري بول رايان إن «فوز ترامب هو ردة فعل على الليبرالية التقدمية الفاشلة». ولكن السؤال، كيف لم تتكهن الاستطلاعات بذلك؟
إحدى نواقص الاستطلاعات أنها تختار العينات الانتخابية من الأماكن ذات الكثافة السكانية العالية، وهي الأماكن الحضرية لأنه يصعب جمع عينات انتخابية من الأماكن الريفية، حيث الكثافة السكانية المنخفضة، ونحن نرى أن الولايات الزراعية مثل ويسكونسن وبنسلفانيا صوتت لترامب. ومن صوت لترامب أيضاً هم الرجال البيض من الطبقة العاملة غير المتعلمة والمناطق الزراعية، وهؤلاء لم تشملهم الاستبيانات. كما أن المحللين عولوا على المناظرات، ولكن النجاح في مناظرة ما وتسجيل النقاط لا يعني بالضرورة إقناع الرأي العام. ففوز ترامب هو فوز قعر المجتمع الأمريكي الذي يخاف من التغيرات الديموغرافية في أمريكا ومن تزايد الملونين. كما أن سياسة أوباما والتي كانت تقضي بفتح الحدود مع كندا والمكسيك لتشكيل وحدة اقتصادية نتجت عنها مشاكل أدت إلى ردة فعل سلبية عند الأمريكيين البيض، خاصة من ذوي الدخل المحدود وبالرغم من أن البطالة شهدت انخفاضاً في عهد أوباما، إلا أنه لم يفطن إلى وضع المناطق الزراعية التي تشهد مزاحمة من العمالة الوافدة.
وفوز ترامب يعني فوز الرجل الأبيض الذي يجهل كثيراً من الأمور، ويعني تمرد ذلك الرجل على التغيرات الديموغرافية في أمريكا بحيث يكاد هو يصبح الأقلية، كما أن فوز ترامب يعني هزيمة الطبقة السياسة التقليدية، فكلينتون كونها وزيرة سابقة وعضو مجلس شيوخ تمثل النظام السياسي القائم الذي استاء منه الأمريكي البسيط.
ومن المثير للاهتمام أن نرى اليوم كيف سيتعامل ترامب الذي يجهل كثيراً من قضايا العالم مع تلك القضايا خاصة قضايا المنطقة.