الإعلام الأمريكي المتعاون مع هيلاري كلينتون ضد منافسها في الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب، فعل كل ما بوسعه لـ«تلميع» صورة مرشحة الحزب الديمقراطي، ووصل بمستواه المنحاز لمحاولة التقليل من خطورة ووطأة تسريب الإيميلات عالية السرية من خلال بريدها الشخصي.
دونالد ترامب تحدث مراراً وتكراراً عن هذا الموضوع، وعبر عن استغرابه مرات ومرات كيف يمكن تجاوز هذا الخطأ الجسيم لهيلاري، خاصة وأن الرسائل سرية ومضامينها خطيرة.
اليوم مع سقوط هيلاري في الانتخابات، بدأت تسريبات هذه الرسائل بالظهور، وطبعاً البطولة في هذه العملية دائماً تكون لموقع «ويكيليس» الذي تتهم الإدارة الأمريكية صاحبه السويدي جوليان أسانج بأن الروس يقفون وراءه ويدعمونه، وهو الذي بحوزته أكثر من مليون وثيقة أمريكية سرية.
لماذا هذه الرسائل السرية خطيرة؟! لأنها ببساطة تكشف عن «الوجه الحقيقي» للإدارة الأمريكية، الوجه الذي يحاولون إخفاءه خلف العلاقات الدبلوماسية وبأساليب «التلون» و«المناورات».
الرسالة الأخيرة التي تسربت من إيميل هيلاري تكشف تماماً دورها الصريح في محاولات التدخل الأمريكية في شؤون البحرين الداخلية، بموازاة توجههم المفضوح لدعم الجماعات الثيوقراطية والراديكالية والانقلابية التي استهدفت بلادنا.
يومها كانت هيلاري تشغل منصب وزير الخارجية، ومن تحت مظلة هذه الوزارة هناك عشرات البرامج التي تقام بهدف استقطاب الشباب والكوادر الناشطة لإقحامهم في دورات تهيئة تحت مسمى «قادة التغيير في العالم»، وهي امتداد لفكرة الشرق الأوسط الجديدة، الابتكار الأمريكي الذي تم تبنيه بداية الألفية الجديدة.
الرسالة تبين مساعي هيلاري التي تمثل الإدارة الأمريكية للتدخل في مسار تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية، ووجود محاولات للضغط على عمل البروفيسور بسيوني.
تخيلوا بأن البحرين وهي صاحبة الشأن في الموضوع، منح جلالة الملك حفظه الله اللجنة مطلق الحرية وكافة الصلاحيات في عمليات التحقيق وإجراء المقابلات والخلوص لنتائج بعيدة عن الضغوط والتوجيه، في المقابل الولايات المتحدة التي تدعي النزاهة والديمقراطية حاولت توجيه عمل اللجنة والتدخل فيه، هذه العملية أقل ما يقال عنها بأنها «محاولة دنيئة» للإساءة للبحرين.
لذلك كنا نقول في الأسابيع الماضية بأن فوز دونالد ترامب أخف وطأة من استمرار الشرور التي ابتكرها نظام الحزب الديمقراطي عبر الرئيس باراك أوباما، والذي ستسير عليه هيلاري من بعده.
هذه رسالة بريدية واحدة تسربت، فما بالكم بما هو مخفي، وما هو معني بالبحرين، وكلنا نتذكر الرسائل السابقة التي تسربت والمعنية بفترة ما قبل انقلاب 2011، وكيف أن الشخصيات الانقلابية كانت حاضرة بشكل شبه يومي في السفارة، وفي اجتماعات مع السفراء المختلفين المنتمين للحزب الديمقراطي، وما كان يدور في هذه الاجتماعات من عمليات تحليل للوضع البحريني، ونظام الحكم، والتفكير في الكيفية التي يمكن للانقلابيين السيطرة فيها على مقدرات الحكم في البلاد.
لسنا نكن العداء للشعب الأمريكي، فهو شعب طيب، لكننا نكره «الأسلوب القذر» للإدارة الأمريكية القائم على المناورات والتخفي، والظهور أمامك بمظهر المبتسم المحب، بينما في الخفاء تحاك ضدك المؤامرات الواحدة تلو الأخرى.
بالتالي نعم دونالد ترامب سيكون أفضل من هيلاري، لأنه شخص تركيبته قائمة على المواجهة وقول ما لديه حتى وإن استعدى عليه العالم، في حين الأخطر هم أولئك «الممثلون» الذين يوهمونك بشيء بينما الحقيقة أخطر بكثير.
إن كان الأمريكان نصفهم يبكي على هيلاري فهذا شأنهم، لكننا في البحرين لن نأسف عليها حتى لو كان بديلها شخص فيه من انعدام الأهلية السياسية الكثير، أصلاً ترامب أفضل منها اقتصادياً، أقلها إن نفذ وعوده الاقتصادية للشعب الأمريكي فإنه سيحقق لهم الكثير.
والله البحرين لها حوبة، ومن يناصبها العداء المولى عز وجل يكتب له السقوط، سواء إن كان في مناطق الخونة بالداخل أو في طهران أو حتى في واشنطن.