لا يتحامل الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان العلامة السيد محمد علي الحسيني على إيران عندما يقول «نعم إيران المسؤولة عن تأجيج الطائفية في دولنا العربية وتنفيذ مشروعها السياسي عبر استمالة واستعطاف الشيعة العرب.. كما فعل العباسيون تفعل إيران»، ولا يتحامل عليها عندما يقول «لنعي أن إيران تتحرك في سبيل تحقيق مشروعها السياسي في كل الاتجاهات ولا ينحصر في استعمال الشيعة العرب بل أيضاً تستعمل سنة العرب والشواهد كثيرة»، ولا عندما يوجه نداءه للشيعة فيقول «يا أيها الشيعة العرب أدعوكم لفهم الدعوات المشبوهة المغرضة القادمة من نظام ولاية الفقيه، والوعي أن هدفها التحريض الطائفي لتخريب وتقسيم أوطاننا»، فهو يعرف كما هم الكثيرون أن لدى إيران مشروعاً خطيراً لا يهمها في سبيل تحقيقه من يحيا ومن يموت، من شعبها أو من شعوب العالم، من الشيعة أو السنة أو من المنتمين إلى أي دين، فالأهم هو أن تنجح في ما خططت له وتقوم بتنفيذه بهدوء وروية. والأكيد أن عاقلاً لا يختلف مع الحسيني في نظرته وتحليله، ذلك أن إيران تؤجج الطائفية في الدول العربية بشكل خاص كي تحقق مشروعها، وإلا ما هو تفسير تركيز إعلامها على ترديد مصطلح «الشيعة» والقول بمناسبة ومن دون مناسبة إنهم مظلومون وإن سيئاً يراد بهم؟ «من يتابع الفضائيات «السوسة» وخصوصاً فضائية «العالم» الإيرانية يلاحظ أنها تركز في برامجها على مسألة أن الشيعة في البحرين والسعودية واليمن وفي أي بلاد يمثل فيها الشيعة نسبة من السكان مظلومون وأنهم يعانون وأنه لا بد من مناصرتهم لأن الظلم الواقع عليهم لا حد له حيث الغاية هي القضاء على مذهب أهل البيت».
هكذا تتاجر إيران في الدين والمذهب، والمؤلم أن المعنيين لن يتبينوا هذا الأمر إلا متأخرين وحين لا ينفع الندم. إيران لا تحامي عن الشيعة حباً فيهم ولا ترمي إلى الدفاع عنهم والانتصار لهم ولكنها تتخذهم قارباً تركبه ليوصلها إلى حيث يرى مشروعها السياسي النور. إيران تريد استعادة مجد الإمبراطورية الفارسية بالسيطرة على كامل المنطقة، وهذا ما ينبغي أن ينتبه له العالم وخصوصاً الشيعة الذين هم أول الضحايا.
مهم جداً التفريق بين الشعارات التي ترفعها إيران والتي تظهرها كحامية للشيعة و«الخدمات» التي تقدمها لهم والمتمثلة في تسهيل قيامهم بالتزامهم المذهبي خصوصاً في إيران والعراق، وبين مراميها وأهدافها السياسية، ومهم أيضاً معرفة أن الأهم عند إيران هو تلك المرامي والأهداف وليس تلك الخدمات والتسهيلات التي تفرح البعض فيعتقد أنها الدولة التي تنتصر لآل البيت الكرام بخدمة الشيعة وتسهيل أمورهم. إيران مثلها مثل كل دول العالم تخدم مصلحتها، وهي في سبيل ذلك لا يهمها شيء بل لا يهمها حتى لو خسر كل الشيعة حياتهم. والأكيد أنه في عالم السياسة لا يعتبر هذا التفكير خطأ، فالأهم من كل شيء لدى الدول التي لديها مشاريع سياسية هو تحقق تلك المشاريع.
بناء على كل هذا يتأكد أن السيد الحسيني لا يتحامل على إيران بأقواله تلك ولا بأقواله الأخرى في هذا الخصوص، فالحسيني يرتكز على مبدأ أساس هو أن «الشيعة في أي دولة عربية جزء لا يتجزأ من نسيجها الاجتماعي وأنهم ملزمون باحترام سيادة وقانون كل دولة منعاً لاستغلالهم من أية جهة خارجية»، وقد حدد هذا المبدأ بعدما لاحظ التمدد غير الطبيعي «لمشاريع غير عربية باتجاه الأمة العربية»، وهو يعني إيران على وجه الخصوص، ولهذا أيضاً يدعو الحسيني الشيعة في كل البلاد العربية إلى «الالتزام بقوانين بلادهم واعتماد لغة الحوار والتشاور مع القادة والحكومات لنيل المطالب إذا وجدت».