فجأة تبرز كلمة «عاجل» في «تويتر» وبعض المواقع الإلكترونية وتلك الفضائيات «السوسة» مصحوباً بها خبر ما. تهتم على الفور بقراءة الخبر فتفاجأ بأنه أساساً لا يستحق أن ينشر بصفة عاجل بل لا يرقى أحياناً حتى إلى مرتبة الخبر. من ذلك على سبيل المثال خبر عن استدعاء شخص ما من قبل النيابة العامة أو مركز الشرطة، أو عدم السماح لسين أو صاد بالسفر عبر المطار أو الجسر، أو الإفراج عن فلان أو علان بعد التحقيق معه. وإذا كانت بعض الأسماء ترقى إلى أن يكون الكلام عنها خبراً كونها معروفة مجتمعياً ولها نشاطها فإن أسماء أخرى كثيرة غير معروفة يتم إبرازها عبر تلك الأخبار التي تمنح صفة عاجل وهي ليست كذلك.
ما هي قيمة خبر ملخصه أن فلاناً أو علاناً استدعي للتحقيق أو منع من السفر أو تم التحقيق معه وأفرج عنه؟ هذا أمر اعتيادي في كل بلدان العالم وهو اعتيادي في مثل الظروف التي تمر بها البحرين، فطالما أن هناك أخطاء وتجاوزات فإن من الطبيعي أن تحدث مثل هذه الأمور حيث البحرين دولة مؤسسات، ولو أن المعنيين بالنشر في العالم قرروا رصد كل هذه الأمور لامتلأ وقت الناس في كل مكان بأخبار من هذا النوع مسبوقة بكلمة عاجل.
ظاهرة غريبة لا تفسير لها سوى أن من صنف نفسه في خانة «المعارضة» وصل إلى مرحلة صار يشعر فيها أن الحاجة باتت ماسة لإثارة الناس بأي شكل وإيهامهم بأن الحراك مستمر وأنه قوي رغم كل شيء وأن الدليل على ذلك هو تلك الاستدعاءات والمنع من السفر الذي يطال البعض والإفراج عن بعض من يتم استدعاؤهم والتحقيق معهم.
عندما تقدر الأجهزة المعنية بالدولة أن فلاناً تجاوز القانون فمن الطبيعي أن تقوم باستدعائه لسؤاله وتنبيهه ومحاسبته، وعندما تقدر تلك الأجهزة أن علاناً أساء إلى الدستور أو أخطأ في حق الآخرين فإن من الطبيعي أنها تحقق معه أو تحبسه أو تمنعه من السفر، وكل هذه الإجراءات تتم من دون أن تخالف تلك الأجهزة القانون. ولأن كل هذا يدخل في الطبيعي والعادي لذا فإن نشره كخبر وإعطاءه صفة عاجل أمر يدخل في باب المبالغة ويفسر على أنه يراد منه تحقيق أمر معين.
واضح أن البعض الذي اعتبر نفسه «معارضة» يعتقد أن كثرة نشر مثل هذه الأخبار وكثرة إعطائها صفة عاجل تخدمه بأن تلفت انتباه العالم إليه وتوصل له رسالة مفادها أن الحكومة تمارس الظلم على المواطنين وتضايقهم بدليل أنها تقوم يومياً بالاستدعاءات وإصدار الأحكام بالحبس والمنع من السفر، وبما أن كل أو جل من يتم استدعاؤهم هم من المنتمين إلى مكون اجتماعي بعينه فإن هذا يعني أنها تريد مضايقتهم والقضاء على حراكهم وحتى مذهبهم.
كثرة نشر هذه الأخبار التي معظمها لا يرقى إلى أن يكون كذلك وكثرة إعطائها صفة عاجل رغم أنها أمور عادية وأصحابها غير معروفين للمجتمع تضر ذلك البعض ولا تنفعه وتسيء إلى «المعارضة»، فالعالم الذي يريدون لفت انتباهه إليهم سيقول ببساطة إنه لولا أن أولئك يخالفون القانون ويتجاوزون لما أزعجت الأجهزة المعنية نفسها باستدعائهم والتعامل معهم، وهذا لا يمكن أن يصب في صالحهم، وإن كان يفرحهم.
حتى في الداخل سيتساءل الناس عن وزن هذا أو ذاك غير المعروف مجتمعياً والذي اعتبر ذلك البعض استدعاءه للتحقيق أو الإفراج عنه أو منعه من السفر خبراً مهماً وأعطاه صفة عاجل، ذلك أن الرسالة التي تصل الناس في هذه الحالة تعطي أثراً سلبياً بدل أن تكسب تعاطفهم، فالناس سيعتبرون أولئك هم السبب في حالة عدم الاستقرار أو القلق.