لا شيء يزعج الملالي وغيرهم ممن يضمرون الشر بخليجنا العزيز أكثر من وحدة صفنا وتعاضدنا نحن أبناء الخليج العربي والذي سيبقى بإذن الله عربياً خالصاً، من حدود الكويت الشمالية وحتى مضيق باب السلام، شاء من شاء وأبى من أبى. ولعل أقوى سلاح بأيدينا، مهما كان الطرف الآخر، هو توحدنا وتكاتفنا وتماسكنا على قلب رجل واحد كالبنيان المرصوص.
وما حققته دول مجلس التعاون الست منذ تأسيس المجلس عام 1981 حتى اليوم حافل بالإنجازات لكن أهمها على الإطلاق قدرة الشقيقات الست على تقديم موقف واحد في كثير من القضايا الجوهرية التي تمس أمن ومصالح الخليج العربي وأبرز الأمثلة على ذلك التحالف ضد الاحتلال الإيراني لليمن وكذلك الموقف من الإرهاب وغير ذلك.
لكن الجزء الأهم هو التعاضد الاقتصادي وسأشير هنا إلى اجتماع هيئة التنمية الاقتصادية الخليجية في الرياض الأسبوع الماضي والدعوات التي انطلقت من سمو الأمراء والشيوخ رؤساء الوفود لتعزيز التعاون الاقتصادي باتجاه تشكيل قوة اقتصادية موحدة لدول الخليج لتصبح ثالث أكبر قوة اقتصادية على المستوى العالمي، وهو مقترح في غاية الصواب والجدوى، خاصة وأن الدور الاقتصادي لدول المجلس اليوم يتعدى بكثير كونها منتجة للنفط، فالقدرات الاستثمارية في الأسواق العالمية والشركات الخليجية متعددة الجنسيات والقدرات المالية العالية للصناديق السيادية والقوة الناعمة المتمثلة في صناديق التنمية الخليجية والهيئات الخيرية التي تتوزع أعمالها على مختلف أصقاع الأرض كلها تمثل فرصة موحدة يمكن استغلالها من خلال عمل خليجي مشترك يصب في مصلحتنا جميعا ويحمي مصالحنا جميعاً.
والحقيقة التي يجب أن ندركها نحن، كما ينبغي أن يدركها العالم هي أن الخليج ليس نفطاً فقط، كما إن ثروته لم تعد مقتصرة على النفط وحده، وما يحصل في العالم اليوم من متغيرات، سواء توجه الأمريكان للانسحاب من قضايا المنطقة، بغض النظر عن انتخاب ترامب، أو ما سيتبعه بالتأكيد من تقلص الاهتمام الأوروبي بمنطقتنا باستثناء صفقات الأسلحة لصالح التركيز على المصالح الاقتصادية المستجدة في شرق آسيا، سيتطلب منا جميعا أن «نقلع شوكنا بأيدينا» لأن العالم لن يقدم مصالحنا على مصالحه، وقد رأينا كيف تم توقيع الاتفاق النووي من قبل أمريكا وحلفائها الأوروبيين مع إيران بتجاهل شبه تام لمصالح وتحفظات دول الخليج «الحليفة» بينما أخذت بعين الاعتبار كل تحفظات ومصالح إسرائيل..
لذلك من المطلوب والضروري اليوم بالنسبة لنا أن نأخذ زمام المبادرة بأيدينا، وأن تكون قوتنا في وحدة صفنا، مطلوب أن نقوي لحمتنا أكثر مما سبق، وأن نزيد من تعاضدنا وتكاتفنا أضعاف ما كنا عليه، لأن التحديات والمخاطر لن تنتظرنا لكي نستعد إذا لم نكن مستعدين مسبقاً.
لقد قدمنا كخليج مثالاً ناجحاً على قدرتنا على العمل الاستباقي الناجح تمثل في التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ومنع الاحتلال الإيراني في هذا البلد الشقيق، لكننا بحاجة لأن نبني على هذا الناجح لا أن نتوقف عنده. وفرصة التكتل الاقتصادي الموحد تمثل فرصة مهمة لنثبت لأنفسنا ولشعوبنا وللعالم من حولنا أننا مستمرون في الطريق الصحيح.
وقد لا تكون إيران الخطر الوحيد أمامنا، لكنها الخطر الرئيس الماثل للعيان، وطعناتها في الظهر وبالغدر أكثر بكثير من مواجهاتها بالعلن وبالرجولة، وإذا لم نتمكن نحن أهل الخليج من التعامل مع الخطر الرئيس بوحدة صف واضحة وقوية في السر والعلن فكيف سنتمكن من التعامل مع غيرها من المخاطر؟
وبعد، فيا أهلنا في الخليج العربي الأشم: إن سلاحنا الرئيس في وجه كل التحديات والمخاطر والأعداء هو وحدتنا، ووحدة مواقفنا، وتعاضدنا، فماذا نحن فاعلون؟