حينما يتخذ أبناء الخليج العربي خطوات مختلفة باتجاه «الوحدة» في ملفات متعددة، فإنه يمكن قياس مدى قوة هذه الخطوات بكل سهولة.
ركزوا فقط على ردات فعل الإيرانيين، سواء من خلال وسائل إعلامهم أو تصريحات مسؤوليهم، وزيدوا عليها القنوات الانقلابية المصطبغة بإسم البحرين في الخارج، وهي أصلاً لا تمت للبحرين بصلة، سوى كراهيتها للبحرين، ولكل ما هو خليجي وعربي، فمهما حاولت الإنكار، هي إيرانية الهوى حتى النخاع، تحركها لا يتم إلا بتمويل إيراني صرف.
عموماً، من الطبيعي جداً حينما تتحرك في اتجاه تعزيز قوتك، وبالأخص قوتك العسكرية، فإن الصراخ يأتيك بقوة من صوب أعدائك، وفي منطقتنا عدونا صريح وواضح، أذرعه القذرة يحاول مدها داخل بلداننا، لكن ولله الحمد، أجهزتنا الأمنية الخليجية كانت ومازالت وستظل بإذن الله على قدر المسؤولية، نجحت وستنجح في قطع دابر الخلايا الانقلابية، والطوابير الخامسة، وبائعي الانتماء الخليجي العربي.
تمرين أمن الخليج العربي، والذي اختتم بكلمات جلالة الملك حفظه الله، وتم على أرض البحرين الغالية، وجمع أشقاءنا دول الخليج العربي، ليس مجرد تمرين اعتيادي يتم فيه تبادل الخبرات والتجارب الأمنية، أو القيام بمناورات وتمارين قائمة على أساليب التصدي والتعامل مع الجرائم والممارسات الإرهابية، هو أصلاً رسالة صريحة وواضحة مفادها اختصرها وزير الداخلية بأن «أمن الخليج العربي واحد لا يتجزأ».
هذه هي المعادلة التي يخشاها كل طامع وكل حاقد وكل مستهدف لدول الخليج العربي، يا أهل الخليج ما يرعبهم منكم هي «وحدتكم» ولا شيء آخر، إذ هم يعرفون بأن مواجهتكم جميعاً وأنتم متحدون، والأهم متفقون على مسارات واضحة، هي مواجهة نتيجتها محسومة سلفاً.
هل رأيتم يوماً إيران، وغيرها من دول الغرب الطامعة تسعى لمواجهة صريحة مباشرة مع دول الخليج العربي مجتمعة؟! والله لا يجرؤون، فهم اختبروا مواقف في السابق، وكان بعضها على الصعيد الفردي، في محاولة استهداف دولة هنا أو الضغط على أخرى هناك، فتفاجؤوا بأن الجميع يتداعى للوقوف مع شقيقه.
هذه هي «التركيبة» الفريدة لدول الخليج العربي، إذ مهما ضللتك أحياناً القراءات للمشهد الراهن، وتظن بأنه يمكنك استغلال ثغرات هنا وهناك، وملفات مختلفة متناثرة في وجهات النظر، فإنك تراهن على نفسك بالخسارة، فحينما نتحدث عن أمن الخليج العربي، ستجد دول الخليج العربي كلها مع بعضها البعض.
كإخوة وأشقاء، قد تختلف آراؤنا، قد نتصلب لمواقفنا، قد «نزعل» على بعض، قد يكون هناك غبار ما يعكر الصفو، لكن الحقيقة تقول: منذ متى يقبل الشقيق على شقيقه بأن يتعرض للضرر والاستهداف، فيقف الشقيق لا يحرك ساكناً ولا يهب لنصرة شقيقه؟!
من الاستحالة أن يتحول «دم الإخوة» إلى «ماء»، ومن الاستحالة أن يتخاذل الأشقاء عن نصرة بعضهم، ومن الجنون التعويل على أن «الروابط الخليجية القائمة منذ عقود، وأن الالتصاق الأخوى القائم على الحب والمصير المشترك والعلاقات الحميمة، يمكن أن يتنازل عنها بسهولة».
في كل مرة يعول الكارهون وأعداؤنا لضرب الخليج العربي، يتفاجؤون بأن دول الخليج العربي تقف مجتمعة، يتفاجؤون بقوتهم حينما تكون كلمتهم واحدة وصوتهم مسموعاً، بل وخطابهم صريح وواضح، من يستهدف الخليج العربي أو أي دولة فيه، فهو يعادي دول الخليج كافة، يعادي شعوبها التي لن تسكت له، فضرب من الجنون أن تستهدف أخاً ويقف بقية الإخوة يتفرجون، بل قبل أن تضرب ضربتك، ستجد أن الإخوة اجتمعوا وردوا لك الصاع صاعين.
بالتالي رسالة «تمرين أمن الخليج العربي»، تأتي لتقدم للعدو رسالة استباقية صريحة، فأذرع الخيانة داخل بلداننا قطعت أوصالها الأجهزة الأمنية في دول الخليج العربي بكل كفاءة واقتدار، وإن كان المعتدي يظن بأن إعادة الكرة ستكون بسهولة، فهو اليوم يرى وحدة في الأنظمة الخليجية، وعملاً يبين لك بأنها «كيان واحد» يعمل وفق مبادئ واحدة وإيمان ثابت.
إن كنت تريد استهداف دولة خليجية عربية، ففكر مرات ومرات، فأنت لن تستهدف دولة واحدة، بل تستهدف أسرة قوية مكونة من ست دول فيها ملايين الملايين من الأشقاء الذين لن يترددوا في الذود عن أشقائهم.