نشرت وكالات الأنباء العالمية خبراً مفاده أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيلتقي نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث ملف الأزمة السورية والاقتتال الدائر في حلب تحديداً. دول عربية وشعوب عربية يتحكم في مفاتيح قرارتها دول غير عربية، دول كبرى لا تجيد التحدث باللغة العربية لكن كل اهتماماتها عربية خالصة، وفي نهاية المطاف سيكون الأجنبي هو من سيحدد مصيرنا ومستقبلنا وطبيعة حياتنا، سواء كنَّا نتفق مع هذا الطرف الأجنبي أم مع ذاك، ففي ختام المشهد السياسي سيكون غير العربي هو من سيرسم خارطة الوطن العربي!
كل شيء عربي، وكل شيء يتحدث بالعربية، فالتاريخ عربي والشعوب عربية والحاضر عربي والدول عربية والمنطقة عربية لكن ليس لنا نحن العرب أي سلطة أو سيادة حقيقية على كل ما هو عربي، فالذي يبدأ نزاعاتنا ويختمها هو الأجنبي أمَّا العرب فما عليهم سوى انتظار النتائج وهذا هو الحاصل في قضايا المنطقة المصيرية.
متى سيأتي اليوم العربي والقرار العربي والشأن العربي والإنسان العربي والموقف العربي بعيداً عن كل ما هو أجنبي؟ متى سنكون رقماً صعباً في معادلات الدول غير العربية؟ ومتى سيكون الوقت مناسباً كي نكون أحراراً في قراراتنا ومواقفنا بعيداً عن كل الإملاءات الأجنبية؟ أليست هذه أوطاننا وشعوبنا ومنطقتنا؟ فما دخل أمريكا وروسيا والغرب والشرق وكل العالم الذي «يرطن» الأجنبية ليرسموا لنا خارطة المستقبل العربي؟ متى سنسمع في نشرات الأخبار أن العرب هم الذين يقودون أنفسهم وأزماتهم بعيداً عن إملاءات دول طامعة وناهبة؟
من هوان الدنيا على الله أن يأتي شخص من أقصى الأرض وآخر من أدانيها لكي يحدداً لنا شكل الصراعات العربية ومصيرها ومصيرنا، وكأننا نعيش كأطفال يتامى أو كأشخاص بلا إرادة. هذا هو الواقع السياسي المؤسف في عالمنا العربي، إذ حتى هذه اللحظة لم تستطع أي منظمة عربية عريقة كجامعة الدول العربية -على سبيل المثال- أن تناقش الأزمة السورية وغيرها من الأزمات العربية بشكل حازم وفاعل، ولأن العرب تركوا فراغاً سياسياً مهولاً من خلال صمتهم وغيابهم أصبح الفضاء السياسي والعسكري والاستراتيجي متاحاً للأجنبي ليدخل على الخط فيحدد أجندته ورغباته ومصالحه على كل ما هو عربي، وهذا الأمر يعتبر من أكبر أزماتنا العربية المعاصرة. متى سيأتي اليوم الذي نرفع فيه أصواتنا ونحدد فيه مصيرنا عبر قراراتنا دون الحاجة لزيارة هذا الأجنبي أو ذاك من أجل أن يتآمرون على الوطن العربي من المحيط إلى الخليج؟ هل سيأتي هذا اليوم «الأهم» في تاريخ العرب؟ أم سنظل نعاود طرح همومنا للأجنبي في مشهد مُهين للكرامة العربية التي لم يتبق منها أي شيء؟ إنه لأمر محزن جداً أن يكون العرب بلا كرامة.