«المجموعة» منشغلة جداً بماذا سيفعل ترمب مع إيران؟ هل سينسحب من الاتفاق النووي الإيراني أم سيواصل؟ هل سيتشدد مع إيران أم لا؟ هل سيفعل القيود المفروضة على الأنشطة الصاروخية لإيران أم لا؟ سيضع مزيداً من العقوبات على إيران أم لا؟
إنه لحال محزن حقاً أن يكون ذلك هو شغلهم الشاغل، وأن تبقى إيران القشة التي يتعلقون بها لنجاتهم، فإن نجحت إيران نجحوا هم وإن فشلت جرتهم معها، اللهم لا شماتة إن كان جل اهتمامهم هو خوفهم وقلقهم على إيران!!
القلق الآخر من المصاحب لتولي ترمب هو سياسته تجاه الاتفاق الذي أبرمته الإدارة السابقة مع «الجماعات الدينية» السنية والشيعية، والذي يعمل على دعمهم لإسقاط الدول القائمة، هل هذا الاتفاق أم لا؟ هل ستواصل الولايات المتحدة الأمريكية سياسة تمكين الأقليات تحت مظلة دعم الديمقراطية وملفات حقوق الإنسان؟ أم إن الحلم تبخر مع هيلاري كلينتون؟
لقد كان مشروعاً أمريكياً بجدارة تبنته الإدارة السابقة وهيأت له كل الظروف، واعتمدت على مجموعة قبلت أن تلعب هذا الدور القذر، وكلنا نتذكر الانتشاء الذي أصاب مجموعة الدوار حين أمضى مبعوث المذكورة «هيلاري» فترة أطول في البحرين من التي أمضاها في دول أخرى سقطت أنظمتها، كدليل على اهتمامها بالمجموعة البحرينية أكثر من غيرهم. فقد قضى معهم خمسة أيام يشد فيها إزرهم ويشجعهم ويحرضهم على الاستمرار في جلوسهم ورفع راية «باقون حتى يسقط النظام» إلى أن تتم المجموعة مهمتها. فكان الانتشاء بهذه المكانة «الهيلارية» الخاصة والمميزة وصل أقصاه، فقد اعتبروا إطالة المدة معهم مكافأة لهم على تميزهم وإجادتهم للدور المطلوب منهم، وظنوا أنهم قد وصلوا إلى مرادهم، حتى إذا ما تورمت الأهداج والتفت الساق بالساق، جاءهم قدر مكتوب بأن «الباطل كان زهوقاً» حتى وإن استند على قوة هيلارية أوبامية!!
نحمد الله أنه ألهم القيادة في مملكة البحرين إلى اتخاذ سياسة حكيمة متأنية نجحت في تخطي تلك الضغوط الهائلة التي واجهتها البحرين في ظل الحقبة الأوبامية بجدارة، ونجحت فيما سقطت دول كبرى في الفخ، حتى وصلت البحرين إلى قناعة بأنه لا منجاة للبحرين إلا بالاستغناء التام عن نصائحهم وعدم الانصياع لضغوطهم، وكان ذلك التحول في السنتين الأخيرتين من الحكم الأوبامي واضحاً وبيناً، فلم تنجح تقارير خارجيتهم ولم تؤثر بياناتهم في ثني البحرين عن قرارها.
لهذا ساءتهم عاصفة الحزم وساءهم التحالف العربي وساءهم أن تحيي البحرين سيادتها وأمنها واستقرارها.. وساءهم أن نتحدث عن الاتحاد الخليجي، فجميع تلك القرارات تعزز وتقوي النظام وتدعمه. الذين قالوا إنهم باقون حتى يسقط! وينظرون لسياسة ترمب من منظار حفاظها على اتفاق الولايات المتحدة الأمريكية مع حاضنتهم إيران أم إنه سيفض هذا الاتفاق؟ هل سيرسل ترمب لهم من يجدد الدعم لهم أم سيلغي الاتفاق معهم؟
أما بالنسبة إلى شعب البحرين وقياداته، فالقرار يجب أن يكون أياً كانت سياسة ترمب، سواء خالفت ما كان عليه الديمقراطيون أو حتى استمرت عليها، يجب ألاَّ يختلف الوضع على ما كنا عليه مؤخراً، وذلك بفضل من الله ومنة منه جل جلاله، يجب الاستمرار على سياستنا الأخيرة التي حفظت لنا أمننا واستقرارنا، فلم تهدأ الأوضاع الأمنية ولم نستقر إلا بعد أن تم إنفاذ القانون واحترام القضاء البحريني، وتركنا للمؤسسات أن تعمل دون اعتبار لنصائح أي طرف خارجي، وهذا يعطينا درس بليغ بأن سياستنا المحلية لابد أن تنبع من فهمنا نحن لمصالحنا الوطنية، لا من فهمخاص لأي طرف أجنبي لهذه المصالح نيابة عنا وفهم يتطابق مع مصالحه لا مصالحنا.
أما المجموعة التي خانت وطنها فنقول لها من كان يؤمن بهيلاري كلينتون بأنها منقذته، فإن هيلاري قد طارت، ومن كان يؤمن أن شعب البحرين باق هنا.. حافظ للبيعة والعهد والدستور فقد فلح.