قبل أيام قال واحد من الذين اختاروا العيش في الخارج لفضائية «العالم» الإيرانية التي تستضيفه باستمرار ما معناه إن «التغيير الذين يسعون إليه في البحرين سيحدث سريعاً بل أسرع حتى مما كانوا يتوقعونه»، شارحاً أنه يتوفر العديد من المؤشرات التي تدفع إلى مثل هذا الاعتقاد.
مثل هذا الكلام الذي من الطبيعي أنه أفرح تلك الفضائية «السوسة» من الطبيعي أيضاً أن يقوله كل من وصل إلى حالة صعبة بسبب تفوق الطرف الذي يحاربه عليه، والذي يمتلك الكثير من الأدوات التي تجعله مستمراً في التفوق والتحكم في اللعبة، فهو بهذا يرمي أيضاً إلى رفع معنويات من معه كي لا يرفعوا الراية البيضاء مبكراً ويضيع هباء كل الجهود والتضحيات التي تم بذلها.
لكن الركون إلى هذا التحليل ربما كان خطراً، والصحيح هو ترجيح الرأي القائل بأنه لولا حصول ذلك الشخص ومن معه على وعود قاطعة من جهات تمتلك ما يعينها على تقديم الوعود والوفاء بها أملاً في إحداث تغيير يصب في صالحها وصالحه لما قال ما قال وبثقة العارف، فلعل ترتيباً ما قد تم أو يتم حالياً كي يتمكن ذلك البعض من الحصول على ما يريد، وتتمكن تلك الجهة أو الجهات من تحقيق مراميها.
العاقل في مثل هذه الحالة لا يركن إلى الاستنتاجات التي تريحه وتفرحه ولكنه يتعاطى مع كل الاحتمالات وخصوصاً السالبة وإن كانت ضعيفة، فيغلّبها ويضع كماً من علامات الاستفهام، فلعل ذلك الشخص انطلق في تصريحه من معلومات تتوفر لديه ومن تأكيدات تم الحصول عليها من جهات قادرة على دعمه مثل إيران أو حتى بعض دول الغرب التي ربما قدرت أن من مصلحتها إحداث تغيير ما في البحرين وإن كان مكلفاً ومحرجاً لها.
منطقياً لا يمكن لذلك البعض أن يترك الأمور للصدفة أو للظروف، فالصدفة واحتمالات تغير الظروف لا تكسبه ما يريد، فقد لا تحدث الصدفة وقد لا تكون الظروف في صالحه، لذا فإن الأغلب هو أنه «استعان بصديق» قدم له الدعم والوعود التي جعلته يتحدث بثقة ويعلن بجرأة بأن التغيير حاصل لا محالة وأنه سيحدث حتى قبل التاريخ المتوقع أو «المحدد».
هذا النوع من التصريحات ينبغي أن تتم دراسته من قبل المعنيين بالأمن بجدية كبيرة، فقد لا تكون انفعالية كما تبدو في الظاهر، وقد لا تكون تكتيكاً يراد منه الظهور بمظهر القوي وغير المبالي بما يحققه الطرف الآخر من مكاسب بغية رفع المعنويات. وبسبب أن تصريحات كثيرة لمسؤولين إيرانيين عديدين سبقت هذا التصريح وحملت المعنى نفسه فإن على المعنيين بالأمن هنا أن يتعاملوا مع هذا الأمر بكثير من الجدية.
ليس بالضرورة أن يكون هذا التحليل صحيحاً، الضرورة هي أن يتم التعامل معه – طالما قيل وطالما أنه قيل بهذه الطريقة - على أنه صحيح ودقيق وأنه لولا أن من قاله مطلع على ما يتم التخطيط له لما قال ذلك.
آخرون أيضاً يصرحون لتلك الفضائيات «السوسة» بكلام يستوجب الدراسة وأخذه مأخذ الجد وعدم اعتباره كلاماً عاطفياً أو تصنيفه في باب الغاية إلى رفع المعنويات. لا نريد أن نصبح ذات يوم على فعل أحمق قامت تلك الجهات بتنفيذه بغية تمكين من تريد تمكينه لتحقيق غاياتها، فحينها لا ينفع الندم.