منذ الشاهنامة وما احتوته من أوصاف مسيئة للعرب بسبب انتصارهم بالإسلام على دولة كسرى المجوسية وحتى كتاب الصف التاسع في مدارس ما يسمى بـ «الجمهورية الإسلامية» الإيرانية الذي يصور العرب بأنهم ليسوا سوى راكبي جمال ينتظرون على إشارة ضوئية في صحراء قاحلة، شكلت الكراهية وما تخفيه من أحقاد وعقد، الأساس في تعامل الفرس مع جيرانهم العرب.
ومنذ ما يسمى الثورة عام 1979، أصبح هذا هو نفس الأساس الذي تبني عليه طغمة الملالي حكام طهران أحقادها المتجددة والمتجذرة ضد العرب ككل، وضد عرب الخليج على وجه الخصوص، كما تسعى إلى إثارة نفس المستوى من الكراهية ضد المسلمين السنة، وخاصة في نفوس من يتبعها من الشيعة.
وأقول «من يتبعها» لأن من يعرف المنطقة بشكل جيد يلاحظ بشكل واضح أن إخواننا الشيعة الذين لا يتبعون المنهج الإيراني ولا مرجعيات قم المزيفة يعيشون في سلام ووئام مع إخوانهم السنة دون فتن ولا كراهية ولا طائفية ولا عداوات. وهو أمر يمكن ملاحظته بشكل واضح في علاقات شيعة الخليج، من غير الحزبيين ومؤيدي إيران، مع دولهم وبقية مكونات مجتمعاتهم، وكذلك مع عموم أبناء الطائفة الشيعية في لبنان مثلاً من غير أنصار «حزب اللات» وحلفائه في حركة أمل، بل ويتضح أكثر ما يتضح في تصرف العشائر الشيعية العربية العراقية التي رفضت الاحتلال الإيراني لبلدها وتحالفت انتخابياً مع العشائر السنية ضد مشروع تفريس العراق، فنالها من الإرهاب والإجرام الصفوي نفس ما نال العشائر السنية، بل وأزيد في بعض الحالات.
إيران دولة مبنية على الكراهية في نسيجها الداخلي وغلافها الخارجي، ويبدو أنها لا تستطيع أن تتنفس إلا من خلال فلتر الكراهية، ولذلك نجد أن هذا هو بالضبط ما تسعى لبثه ونشره في أوساط مؤيديها والمخدوعين بها من الشيعة عرباً وغير عرب.
خذوا مثلاً بسيطاً، في التحريض على موسم الحج وتحويله إلى موسم للقتل والدماء والتسييس المتعمد. فهذه العبادة الربانية التي أنزلت لكي يؤديها المسلمون من كل فج عميق في أجواء روحية توحيدية كانت ولا تزال ويجب أن تبقى مناسبة لبيان وحدة الأمة وتعزيز تآلفها وتعاضدها، ولكن ملالي الكراهية في طهران وقم يصرون على تحويلها إلى غير ذلك. ولكم أن تتخيلوا أن الموسم الوحيد الذي لم تقع فيه حوادث مؤسفة هو الموسم الذي خلا منهم ومن شرورهم بحمد الله، فحج المسلمون جميعاً بسنتهم وشيعتهم في أمن وأمان وطمأنينة. ثم يكذبون من بعد ذلك ويزعمون أن السعودية تكفر الشيعة وتمنعهم من الحج، ويشاء الله أن يفضحهم بكذبهم وتناقضهم عند كل عاقل، فلو كانت السعودية تكفر الشيعة هل كانت تسمح لهم بالحج ابتداءً؟
وخذوا مثلاً آخر، فشهر رمضان مبارك وأعياد المسلمين «الفطر والأضحى» مناسبات للألفة والتراحم والتواد والتواصل بين المسلمين وفي مجتمعاتهم، فكيف يستقيم إذن أن يرفض مؤيدو إيران، في البحرين مثلاً، التجاوب مع إدارة الوقف الجعفري «البحرينية» عندما تعلن عن رؤية الهلال وبدء الصيام أو موعد العيد، ويصرون على اتباع ما تعلنه قم؟ أين وحدة المسلمين في بلدانهم من منطق الكراهية والشقاق والنفاق الذي تضخه إيران وشياطينها السود؟
لكن هذا المنطق المريض والسم الأسود له علاج، وعلاجه يبدأ من عند إخواننا الشيعة العرب ووعيهم وانتمائهم لأمتهم وأوطانهم ومجتمعاتهم وعدم السماح للطاعون الفارسي الصفوي أن يسرقهم من دينهم ومن دولهم ومن شعوبهم ومن مجتمعاتهم. لقد عشنا معاً بسلام ووئام منذ فجر الإسلام في مجتمعات آمنة مطمئنة فلماذا نسمح للطاعون اليوم أن يخترقنا؟
مجتمعاتنا كانت ولا تزال مجتمعات محبة وتآلف، فلا تسمحوا للسم الأسود أن يحولها إلى مجتمعات كراهية لا قدر الله ولا سمح.