لا يمكن أن ننكر أهمية المادة باعتبارها العصب الرئيس للكثير من الجوانب في حياتنا، وبالتالي لا يمكن إنكار أهمية هذا العنصر في تطوير منظومتنا الرياضية التي يعنينا أمرها هنا، ولكن لا يمكن أيضاً أن نغفل دور آلية التعامل مع هذا العنصر المهم وكيفية تسخيره لخدمة أهدافنا التطويرية، كما أنه يستوجب علينا أن نتقبل واقعنا ونتعايش معه بمثالية لكي لا نجعل من العنصر المادي مخرجاً لتبرير عجزنا الإداري وتراجعنا الميداني!
عندما بدأت الحركة الرياضية في البحرين تأخذ مساراً تنظيمياً رسمياً في مطلع الستينات من القرن الماضي لم تكن مدعومة بموازنات تواكب ذلك المسار إنما اعتمدت على الموارد الذاتية من رسوم الاشتراكات في الأندية والاتحادات الرياضية ودخل مباريات كرة القدم المتواضع، ومع ذلك لم تتوقف الإدارات التي تعاقبت على تلك المؤسسات الأهلية عن أداء رسالتها بكل عزيمة وإخلاص بل واصلت مساعيها لإيجاد مداخيل ذاتية باجتهادات شخصية ونجحت بعض هذه المساعي في إقناع بعض الشركات والمؤسسات الخاصة لدعم بعض الفعاليات التي حققت عوائد مادية جيدة قياساً بمتطلبات ذلك الزمن، ومن بين تلك الفعاليات على سبيل المثال لا الحصر دعوة عدد من الأندية والمنتخبات العالمية في كرة القدم.
هذا كان قبل أكثر من أربعين سنة تغيرت خلالها الكثير من الموازين والمعايير وأصبحت المادة اليوم هي العامل الذي يتحكم في إدارة المؤسسات الرياضية الأهلية ولم تعد الموازنات الحكومية التي تخصص لهذه المؤسسات كافية للإيفاء بتنفيذ خطط وبرامج هذه المؤسسات من أندية واتحادات رياضية رغم دخول عدد من المؤسسات والشركات الخاصة على خط الدعم والرعاية بمبالغ تفوق تلك التي تحدثنا عنها مسبقاً بأضعاف، الأمر الذي يجعلنا نكرر ما سبق لنا أن طرحناه قبل فترة عن أهمية إدارة الأموال في أنديتنا واتحاداتنا الرياضية على اعتبار أن هذه هي الحلقة المفقودة من سلسلة العجلة التطويرية!
كلنا نتمنى المزيد من الدعم المادي للقطاع الرياضي ولكننا في ذات الوقت نعلم بما تمر به المملكة من ظروف مالية صعبة جداً هي امتداد لأزمة مالية عالمية دفعت أغلب دول العالم إلى الاتجاه نحو ترشيد الإنفاق وتقليص الموازنات في مختلف الوزارات والهيئات الحكومية وهو ما يستوجب تفعيل الشراكة المجتمعية لشركات ومؤسسات القطاع الخاص ذات الربحية المتصاعدة!
هنا تكمن أهمية العمل الإداري الاحترافي في اتحاداتنا وأنديتنا للمرحلة القادمة، فبدلاً من أن نضع مسألة الموازنات كشرط للانخراط في مجالس إدارات هذه الأندية والاتحادات، علينا أن نأتي بأفكار إبداعية لتأمين مداخيل ذاتية نجعلها عربوناً لترشحنا لتلك المناصب الإدارية وهنا يتضح لنا الفارق بين الإداري القادر على إدارة الأموال وبين الإداري الذي تسيره وتقوده تلك الأموال!