هي قصة تتكرر كل عام، يهطل علينا المطر فـ «تتبهدل» البلد، ويعاني كثير من الناس، سواء في الشوارع أو حتى داخل البيوت.
وصلنا لمستوى تحذير الناس وتوجيههم بأن ينقلوا أغراضهم وأمتعتهم للطابق الثاني من البيوت!
وزارة الأشغال تتحمل عبئاً كبيراً، والنقد يطالها بالضرورة، خاصة مع تصريحات «التطمينات» التي إن صدرت ولم تصدق مع الواقع، فإن الناس سيحاسبونك «حساباً عسيراً»، رغم أن كثيراً من مشكلة البنية التحتية وتركيبة الشوارع والمنشآت السكنية، كثير منها أمور كان التخطيط الأولي لها قبل سنوات عدة السبب الرئيس فيما نراه في شوارعنا.
لكن هذا بحد ذاته ليس عذراً ليطرح ويقبله الناس، إذ الحالات التي مرت علينا خلال السنوات الماضية، كلها تطرح سؤالاً واحداً جوابه هو الفيصل هنا في الموضوع، ومفاده: لماذا مررنا بحالات عديدة كهذه في مناطق عدة، وما هي الدروس المستفادة، بالتالي ما هي الحلول المطروحة؟!
استنفار الجهود عبر تشغيل الخطوط الساخنة لتلقي البلاغات وإنزال عدد كبير من الصهاريج و»شفاطات» المياه، كلها حلول، لكنها حلول وقتية تقدمها الأجهزة المعنية في الدولة في وقتها الراهن، لكننا هنا نبحث عن حلول تدوم على المستوى البعيد.
قبل عامين عانت إحدى المناطق من دخول المياه إلى البيوت، وتضرر كثير من سكانها، ولكن بعد تعويض الناس عن الأضرار، تمت دراسة الوضع ولماذا حصل ما حصل، واليوم المنطقة التي أتحدث عنها لا تعاني من نفس ما عانته قبل عامين، إذ أوجدت حلول عملية لمنع تكدس الماء ولسرعة تصريفه.
الفكرة بأن عملية الاستياء من الوضع أمر طبيعي وبديهي أن يصدر عن الناس، فهم من يتضررون في حياتهم، بعضهم بيوتهم يدخلها المطر وتغرق بالمياه، وكثير يعاني من حركة السير في الشوارع، ومناطق تغمرها المياه بطريقة جعلت الناس تتندر، صور انتشرت تقارن البحرين بفينيسيا الإيطالية، وصورة «مركبة» لذيل حوت في أحد الطرقات، ولا أنسى قبل عامين ركوب أحد المواطنين في إحدى القرى على خشبة وبيده مجداف وكأنه في قارب «الجندولا» الإيطالي الشهير.
الحلول الدائمة وطويلة الأمد، هذه هي الأمور التي نتطلع لسماعها، ونتطلع لأن تطالعنا بها وزارة الأشغال، والأخيرة لا يمكن نكران جهودها، لكن فيما يحصل كل عام بسبب المطر، لن يتذكر لك الناس أي شيء آخر، فمستوى الضرر والمعاناة يفوق كل شيء.
طبعاً نوابنا الكرام لا حس ولا خبر، ولا أعني بذلك غياب التصريحات، بل كثير منهم بارعون في ذلك، بل أتحدث عن «الفعل» وعن «التحركات» لأجل ضمان جاهزيتنا لمواجهة الأمطار، وللعمل ألا يتضرر المواطن، والحق يقال هنا «لا حراك فعلياً وجاداً»، لأنك أصلاً لا ترى تحركاً جاداً منذ شهور لأجل تأسيس عمل نتاجه يجنبنا ما حصل قبل يومين، بل نجد تعاملاً «آنياً» وبطريقة «رد الفعل» حين «يقع الفأس في الرأس».
لربما يكون كلام النائب السابق شمطوط عبر حسابه في «الإنستغرام» واقعياً، حينما طالب النواب بأن يعمل كل منهم في منطقته لعد «الحفر» و»المطبات» التي تتجمع فيها المياه، ومن ثم العمل مع وزارة الأشغال على ردمها وإنهاء وجودها.
بالفعل قد تكون مساهمة إيجابية يفرضها واجب كل نائب في منطقته، لكن الفكرة هنا تولد أخرى، بمعنى أنه لو تحرك الجميع معاً، لو فكروا معاً في أفكار وحلول، حينها لا بد وأن تحصل أمور إيجابية خاصة إن تم إشراك الناس الذين يعانون مما يحصل، وبالتالي لا تكون وحدها وزارة الأشغال في خط إطلاق النار، وأنها المسؤولة عما يحصل، والبقية بالأخص النواب الذين يملكون الأدوات التشريعية لا علاقة لهم.
في بلاد كثيرة حينما ينزل المطر تنتعش الحياة ويفرح الناس، وللأسف لدينا في البحرين، حينما ينزل المطر «تتبدهل» حياتنا ويسود السخط لدى الناس.
واقع مقلوب، لكننا بالفعل نتحمل المسؤولية، وكلمات «المعادلة المفقودة» هنا لا تخرج عن «الرصد، التحليل، التخطيط، ووضع الحلول بناء على الدروس المستفادة».