المتابع للتغريدات التي ينشرها الحوثيون في حساباتهم على «تويتر» ويتم تناقلها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة، ولا يتردد عبد الحميد دشتي من عمل «رتويت» لها في التو والحال، لابد أنه لاحظ أن بعضها يتكرر يومياً وبشكل فاضح، من ذلك على سبيل المثال عبارة «قصف صاروخي يستهدف قوات التحالف في مناطق كذا وكذا.. وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في صفوفهم»، ما يدفع إلى التساؤل عما إذا بقي أحد من قوات التحالف العربي في تلك المناطق لم يقتل أو يصب بعد؟! لو كان ما يقوله الحوثيون في تلك التغريدات الكثيرة صحيحا فإن هذا يعني أنهم إنما يحاربون الهواء حيث جردة حساب سريعة تعين على تبين أنه لم يبقَ أحد من جنود التحالف وأن الأراضي السعودية صارت في قبضتهم.
هو إعلام كاذب إذن هذا الذي يمارسه الحوثيون ويعينهم عليه المؤيدون لهم والداعمون بإعادة نشر وبث وترويج ما يدعونه، والواضح أنهم جميعاً لا يدركون أن العالم يرى ويسمع ويمتلك عقلاً ويستطيع أن يتبين الحقيقة ويفرق بين الأخبار الصادقة وتلك البعيدة عن الواقع.
طبعا الهدف من هذا النوع من الإعلام معروف، وهو رفع معنويات مقاتليهم وإدخال قوات التحالف العربي في حالة قلق تؤثر سلبا على أدائهم، مستفيدين من قصة أن هذه القوات لم تتمكن من السيطرة عليهم حتى بعد مرور عام وعدة أشهر على بدء المعارك.
لكن هذا لا يعني أن الحوثيين لا يطلقون الصواريخ على المناطق الحدودية، حيث الواقع يؤكد أنهم يفعلون ذلك ويؤكد أيضاً أن تلك الصواريخ تتسبب في قتل وجرح البعض، فالحوثيون يمتلكون الكثير من الصواريخ التي تصلهم من إيران أو التي حصلوا على تقنية تصنيعها وصاروا يصنعونها محلياً في مناطقهم. زبدة القول هو أن الحوثيين يبالغون في ادعاءاتهم إلى الحد الذي يعتقد من يتابعهم أنه لم يبق أحد من جنود التحالف على قيد الحياة ومن بقي منهم يعاني من إصابات تمنعه من القيام بأي عمل، ويعتقد أن أياماً فقط تفصل بينه وبين رفع قوات التحالف الراية البيضاء وصعود الحوثيين إلى المنصة لتتويجهم!
لنتأمل في العبارات التالية «إحراق طقم عسكري بموقع النشمة في عسير.. مدفعية الجيش واللجان الشعبية تستهدف تجمعات في منفذ الخضراء بنجران محققة إصابات مباشرة وشوهدت الآليات تفر من الموقع.. إعطاب آليتين وإحراق ثالثة وقتلى وإصابات.. إطلاق صلية صواريخ كاتيوشا على تجمعات الجنود السعوديين وآلياتهم في موقع السديس محققة إصابات مباشرة.. قنص 4 جنود في موقع وتدمير طقم عسكري.. إحراق طقم عسكري وقتلى وجرحى في صفوف قوات التحالف، واغتنام أسلحة إثر عملية نوعية...»، كلها عبارات يسهل تصديقها من قبل من يريد أن يصدقها مثلما هو سهل تأليفها، لكنها لا تنطلي على العالم الذي يدرك جيدا أنها من وحي الخيال وإلا لانتهت الحرب منذ زمن. أما الأفلام التي تنشر مع بعض تلك الأخبار وتنسب إلى «الإعلام الحربي» فصناعتها أسهل حتى من صناعة تلك العبارات حيث يتوفر اليوم متخصصون في هذا «الفن» الذي ثبت زيفه ولم يعد أحد يصدق ما يراه منه، وهي أفلام لا تختلف عن تلك الأفلام التي صنعتها المخابرات الأمريكية واستفادت منها في السيطرة على العراق وسوريا قبل أن ينكشف المستور ويتبين أنها كلها مفبركة.
الواقع يختلف كثيرا، فالحوثيون نالوا من الضربات ما يجعلهم أقرب إلى لحظة رفع الراية البيضاء، وقوات التحالف العربي بقيادة السعودية حققت الكثير من الانتصارات التي تجعلها أقرب إلى لحظة الإعلان النهائي عن عودة الحكومة الشرعية إلى اليمن.