لو وجهت هذا السؤال لمن نفذوا مؤامرة الانقلاب على البحرين في عام 2011، ومن يمارسون التحريض والحرق والإرهاب والتعدي على حريات الآخرين، ومن يستهدفون رجال الأمن، ومن يدعمهم من إعلام أصفر، وغيرهم من جهات خارجية همها مناصبة الحكومات العداء، لوجدت الإجابة بملء الفم «لا».
وطبعاً هم سيقولون «لا»، فالمنطق لدى المجرمين واللصوص والكذابين وكل ممارسي صنوف الجرائم والأخطاء يقول: إن المجرم أبداً لا يعترف بجريمته، واللص لا يعترف بلصوصيته، والكذاب يدعي الصدق لا الكذب، بالتالي من قاموا بخيانة وطنهم، وحاولوا بيع البحرين للخارج، ومارسوا التحريض والإرهاب، بل وقام بعضهم بجرائم قتل، كل هؤلاء لديهم القضاء البحريني غير عادل، لأنه بكل بساطة يحاسبهم بالقانون ويحاكمهم بالقانون.
منطق الانقلابيين والخونة في البحرين «عجيب وغريب»، هم يريدون أن يقف كبيرهم الذي علمهم على الإرهاب، ليحرض فيهم ويدعوهم لمناهضة الدولة، ويدعوهم صراحة لـ»سحق» رجال الأمن، ويتطاول بالحديث على رموز البلاد وقيادتها، ويدعو لشق المجتمع طائفياً، واستهداف الطوائف الأخرى حين يصفها بـ»اليزيديين» الذين يقفون في مواجهة «الحسينيين»، وبعدها يرفض هو وأتباعه أن «يمثل» أمام قانون البلد، وأن تستدعيه الدولة للاستجواب، ويعلو صراخهم ونياحهم، ويغطون صور انفعاله وصراخه بصور أخرى يبينون فيها أنه «حمامة سلام».
واتركوا عنكم قضايا الانقلاب والخيانة والعمالة الواضحة، حتى في عملية «سرقة» أموال الناس، والتحصل على أموال مشبوهة، وتصريفها بطرق تدعم عمليات الإرهاب، يرون بأن ما يتخذه القضاء البحريني «غير عادل» و»غير نزيه».
مشكلة هؤلاء واضحة ولا تحتاج لتحليل أو توضيح، باختصار هم يريدون «قانونهم الخاص»، القانون الذي يبيح لهم فعل ما يريدون في البلاد، التطاول على قيادتها، سب وشتم المكونات الأخرى وتسقيطها، قطع الطرقات، حرق الإطارات، استهداف رجال الأمن، سرقة الحكم، انتزاع حقوق الآخرين وحرياتهم، الاستعانة بالأجنبي، الارتماء في أحضان إيران، ودون أن تتحرك الدولة لتحاسبهم بالقانون.
من يتهم البحرين بأن قضاءها ليس عادلاً أو نزيهاً، هلا يخبرنا أولاً بمتابعته لسير القضايا المنظورة في المحاكم والتحقيقات في النيابة، هل يعلم بدرجات التقاضي في محاكمنا؟! هل يعرف بأن هناك عديداً من القضايا أعيدت الأحكام فيها، وتم فتحها من جديد؟! وهل يعلم بأن عشرات من المتهمين تم الإفراج عنهم أو تخفيف عقوباتهم، بل وهناك عفو ملكي يصدر دوماً بموجبه يتم الإفراج عن محكومين في القضايا المختلفة التي لا تصل لمستوى المساس بأمن الدولة، لأنه أصلاً لا توجد دولة تفرج عن متآمرين على أمنها الوطني، ومن يثبت تخابرهم مع الأجنبي.
مع ذلك، البحرين فيها شواهد عديدة، وأدلة لا تنتهي على نزاهة القضاء وعدالته، وأنه حتى من ثبتت خيانته ويفترض أن يعاقب تحت بند «الخيانة العظمى» منحت له الفرصة تلو الأخرى للترافع والاستئناف وغيرها، أي أعطي حقه في الدفاع كاملاً.
بل جاءت الدولة لتخطو خطوة متقدمة بإنشاء المجلس الأعلى للقضاء، والأمانة العامة للتظلمات، وغيرها من جهات هدفها «إنصاف الإنسان» و»صون كرامته»، والتأكد من العقاب يتجه لمن يستحقه ومن يتجاوز القانون ومن يرتكب الجرائم.
قضاء البحرين نزيه وعادل ونتحدى من يقول خلاف ذلك، بل على العكس هناك من المواطنين المخلصين من يقول إن قضاءنا يراعي «الإنسانية» بشكل مبالغ فيه، وبصورة لا تحصل حتى في الدول الغربية التي تتغنى بحقوق الإنسان، بمعنى أن هناك أحكاماً يراها الناس مخففة تصدر بحق أناس لو كانوا في دول أخرى، كإيران «حبيبة قلوبهم» مثلاً، لما وجدت أصلاً محاكمة تقام وتتدرج في أحكامها، بل لوجدت أحكاماً قد تصدر في الشارع وجثثاً تعلق في أعمدة الإنارة.
وبناء على ذلك، لو كان القضاء البحريني مثل القضاء الإيراني، الدولة التي يتغنى بها الانقلابيون ويتحصلون منها على الدعم باختلافه، لو كان القضاء البحريني مثل قضاء دولة خامنئي، لما بقي أحد في بلادنا يطلق على نفسه أنه «سياسي» أو «معارض» أو «ناشط حقوقي».
لكن هنا الفارق الكبير، البحرين حريصة على أن تكون أجهزتها القضائية على أعلى مستويات الإنسانية والمهنية والعدالة، وهي المعايير التي يتضايق منها الانقلابيون وبسببها «استماتوا» في تشويه صورة هذا القضاء في الداخل والخارج، وتكفي في المقابل الحقيقة الموجودة على الأرض عبر ممارسات حية لا يمكن «فبركتها» أو «تزويرها» كما يفعلون هم، لتثبت بأن القضاء البحريني هو أصلاً «أرحم» بكم، و»أعدل» لكم، عما لو كنتم في إيران أو أمريكا أو غيرها.