شابة بحرينية مثابرة، لم تتوان أسرتها المتواضعة أن تضع قدم ابنتها في كل المراحل الدراسية على سلم أفضل مدارس البحرين على الإطلاق، وبمعدلات كبيرة أكملت الشابة تعليمها العالي في أفضل جامعاتنا الوطنية حتى تخرجت وتفوقت بمعدلات متميزة. تخرجت في العام 2014 وخلال فترة تدريبها الجامعي عملت في إحدى شركات الاتصالات براتب 350 ديناراً. لكن وبعد أن تخرجت وفقدت الأمل في العمل بوظيفة تتناسب ومخرجات تعليمها وما تم صرفه من مبالغ طائلة من طرف أسرتها طيلة فترات دراستها، ها هي اليوم تعمل بدوام النوبات في وظيفة يستطيع طالب المرحلة الإعدداية أن يقوم بها وذلك في إحدى الشركات الوطنية براتب - بعد استقطاع مبلغ التأمين - لا يتجاوز 290 ديناراً فقط، بينما في فترات التدريب كان راتبها أفضل، وهذه من مفارقات العمل في البحرين!
على ما يبدو أن هذه الشركة التي تعمل لديها هذه الفتاة البحرينية هي الشركة الوحيدة في البحرين المستثناة من دفع وزارة العمل المبلغ المتبقي للموظف حين لا يتعدى راتبه 400 دينار أسوة ببقية الشركات الأخرى في حال كان يملك شهادة جامعية، وبهذا الاستثناء فإن راتب هذه الموظفة البحرينية الشابة لا يتعدى 290 ديناراً بحرينياً، وهذا الراتب لا يتناسب أبداً وإمكانيات هذه الشابة التي يشهد لها القاصي والداني بمستواها وإمكانياتها وإخلاصها وتفانيها في العمل ولا يتناسب كذلك مع سقف الرواتب التي حددتها وزارة العمل.
منذ عامين مضيا و«دانة» لم تترك باباً للتوظيف إلا وطرقته من أجل الحصول على وظيفة تتناسب ومؤهلاتها العلمية وقدراتها العملية، وهي اليوم حائرة بين قبولها بوظيفة لا تليق بإمكانياتها أو الصبر لأعوام جديدة دون عمل. لكنها كأي شابة بحرينية فضلتْ عدم الجلوس في المنزل فقبلت بهذه الوظيفة على الرغم من الإجحاف الذي يطالها بسبب الراتب الهزيل من جهة هذه الشركة، وكذا من جانب وزارة العمل التي لم تضع هذه الشركة في أجندتها من ضمن الشركات المدعوم موظفوها في حال لم تتجاوز رواتبهم سقف الـ 400 دينار.
«دانة» تعتبر اليوم أُنموذجاً حياً للشابات البحرينيات اللاتي يحفرن في الصخر من أجل أن يعملن في أي وظيفة بدل الهروب من العمل أو الجلوس في منازلهن بداعي اليأس من الحصول على وظيفة مناسبة، لكن، ألا تستحق هذه الفتاة أن تنال وظيفة تليق بشهادتها؟ يا معالي وزير العمل ألا تستحق هذه الفتاة البحرينية أن تشرِّفكم وتشرِّف وطنها في الحصول على وظيفة مناسبة لمؤهلاتها العلمية لتكون الفتاة الجامعية المناسبة في المكان المناسب؟ ألا تستحق هذه الفتاة راتباً محترماً يليق بقدراتها كما يحصل على ذلك وأكثر «الموظف الآسيوي» الذي ربما يملك نصف شهادتها حين يعمل في إحدى الشركات العائلية وغيرها من الشركات الأخرى؟ الكرة الآن في ملعبكم يا معالي وزير العمل والذي نرجو من معاليكم الإجابة على هذه الأسئلة القلقة المتعلقة بهذه الشابة البحرينية فنكون لكم من الشاكرين المتعاونين.