كان مضحكاً اتفاق الثلاثة الذين استضافتهم فضائية «العالم» الإيرانية قبل يومين على أن «إيران لا علاقة لها بما يجري في البحرين، وأنها لا تتدخل في شؤونها الداخلية وأن كل ما تقوله الحكومة في هذا الصدد غير صحيح وفيه ظلم لإيران»، وهو ما وافقتهم عليه بطبيعة الحال مقدمة البرنامج المتحمسة دائماً لكل ما هو ضد حكومة البحرين، وأيدته. أما سبب القول إنه مضحك فلأنهم قالوا ما قالوه من خلال برنامج يومي تبثه فضائية إيرانية منذ أكثر من خمس سنوات وتتعرض فيه للبحرين بلا حياء، فلو أن إيران لا تتدخل في شؤون البحرين ولا تدعم ذلك النفر الذي اعتبر نفسه في «ثورة» ولا يهمها أمر هذا البلد فلماذا إذن هذا البرنامج المسيء الذي لا توجد فيه خطوط حمراء ويتاح لكل مشارك فيه من ذلك النفر لقول ما يشاء عن البحرين وتوجيه السباب والشتائم لمن يشاء فيها؟!
تناقض مضحك ومثير، فمن لا علاقة له بمن يعتبر نفسه في «ثورة» لا يفتح له الفضاء ليقول من خلاله ما يريد وليوجه عناصره ويكلفهم بالمهام المطلوبة منهم، ومن يدعي أنه لا يتدخل في شؤون الدول الأخرى لا يخصص البرامج والفضائيات التي تتناول كل صغيرة وكبيرة في تلك الدول، ومن يقول إنه بريء من هكذا اتهامات لا يمارس التحريض علنا ولا يوفر الدعم المادي والإعلامي لأولئك الذين لا ينتبهون للعلاقة فيقعون في الخطأ ويقولون إن اتهام إيران بالتدخل في شؤون البحرين ظلم كبير.
لولا كل ذلك، ولولا أن لدى مملكة البحرين من الأدلة المقنعة للعالم بأن إيران تتدخل في شؤونها وأنها تدعم ذلك البعض بكل ما أوتيت من قوة وعلى مدار الساعة لما وجهت إليها هذا الاتهام، ذلك أنه ليس من الحكمة توتير العلاقة مع دولة جارة يمكن لو كانت العلاقة معها طبيعية أن تستفيد منها. البحرين تمتلك العديد من الأدلة على التدخل الإيراني في شؤونها، وتمتلك العديد من الأدلة على أن إيران سعت إلى تهريب الأسلحة إلى بعض الأشخاص في البحرين، وتمتلك العديد من الأدلة على أن إيران تدعم ذلك البعض وتوفر له معسكرات التدريب في العديد من الدول من بينها سوريا ولبنان والعراق واليمن، وتمتلك العديد من الأدلة على أن إيران خططت وتخطط للسيطرة على البحرين وكامل دول المنطقة.
لا يجوز الحديث عن إيران وكأنها الحمل الوديع لأنها ليست كذلك، فإيران – بأفعالها تلك – تمارس عملاً عدوانياً ومجرماً ولا يمكن القبول به، ويسهل تصنيف تلك الأفعال في باب الشر . إيران لا تريد الخير لا للبحرين ولا لدول الخليج العربي كافة. إيران تريد السيطرة على المنطقة وتسيدها والتحكم فيها، ولولا هذا، ما قبلت بكل هذا الحرج الذي يتسببه لها من تقوم بدعمهم وتفتح لهم الفضائيات. نوايا إيران سيئة وهي لاتزال تؤمن بأن «الثورة» التي أوصلت الملالي إلى سدة الحكم يجب أن تتجاوز إيران بدليل أنها ضمّنت هذا الأمر بعض مواد دستورها فاعتبرت نفسها مسؤولة عن مناصرة «المظلومين» في كل مكان.
كل ما تقوم به إيران من أفعال يؤكد أنها لا تضمر الخير لجيرانها وأنها تتدخل في شؤونها الداخلية وتريد استعادة إمبراطوريتها، لتؤكد عدم صحة هذا الكلام عليها أن تتوقف عن ممارسة ما تمارسه حالياً، وأول ما عليها القيام به هو إغلاق تلك الفضائيات «السوسة» التي تحارب بها جيرانها وتتدخل في شؤونهم وتتوقف عن دعم من تقوم بدعمهم منذ سنوات وينفذون كل ما تأمرهم به. ليس صحيحاً القول إن إيران لا تفعل كل ذلك لأنها ببساطة تفعل كل ذلك وأكثر.