العناد لا ينتج حلاً، والتنازل للوطن لا يعد تنازلاً وليس فيه منقصة، والعودة إلى طبيعتنا البحرينية الأصيلة من شأنها أن تفتح باباً يمكن أن يفضي إلى حيث الخروج من هذا الذي صرنا فيه. من هنا جاء ثناء كل عاقل على خطوة أهالي جدحفص عندما زاروا معالي وزير الديوان الملكي الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة في مكتبه وتضمنت الكلمة التي ألقوها عبارات أكدت رفضهم لما قام به ذلك البعض وما تقوم به أبعاض أخرى لا تدرك ما تقوم به. تماماً مثلما جاء الثناء من قبل على خطوة مماثلة قام بها في وقت سابق ممثلون عن قرى عديدة زاروا صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، في مجلسه العامر بقصر القضيبية وعبروا عن أصالة شعب البحرين وعن عدم رضاهم عن هذا الذي يحدث نتيجة قيام بعض من لا يدرك «تلايا أفعاله»، وعبروا عن الرغبة في التعاون لإيجاد مخرج للمشكلة، وعن ولائهم للوطن وللقيادة.
نحن إذن أمام أمثلة تعبر عن أصالة هذا الشعب وعن أهمية الركون إلى العقل في مثل هذه الظروف التي علينا أن نتكاتف فيها لا أن نتفرق فيتبدد الشمل، حيث العقل يشير علينا باختيار الدرب الذي إن اخترناه تمكنا من حماية وطننا وأهلنا، فما يجري في المنطقة يؤكد أن تفرقنا وضعفنا يغري الآخرين، وحتى الدوني منهم، للاعتداء علينا ومحاولة تسيدنا.
ولأن مشكلتنا صارت كبيرة وتعقدت، لذا فإن الأكيد هو أنه لا يمكن لخطوة كالخطوة التي قام بها أهالي جدحفص الذين يستحقون كل الشكر والتقدير أن تحلها، كما لا يمكن أن تحلها الزيارات المحدودة التي قام بها بعض العقلاء من بعض القرى رغم أهميتها. هذا يعني أن خطوات أخرى ينبغي اتخاذها من شأنها أن تشجع القيادة على اتخاذ خطوات إيجابية تؤدي في خاتمة المطاف إلى الإعلان عن انتصار البحرين، قيادة وشعباً، على المشكلة التي تسببت في أذى الجميع وأثرت على تقدمنا.
غداً ستبدأ اجتماعات قمة التعاون في المنامة وتستمر يومين، وفي ختام الجلسات سيتم الإعلان عن العديد من القرارات المهمة والتي من شأنها أن تعود بالمكاسب على شعوب التعاون جميعاً، ولأن ذلك البعض الذي تسبب في الأذى للبحرين وأهلها قبل خمس سنوات ونيف سعى في السنوات السابقة إلى استغلال مثل هذه المناسبة للإساءة بذريعة التعبير وتوصيل الصوت وإحراج الحكومة لن يستطيع أن يستفيد من أي شيء في اليومين المقبلين على وجه الخصوص مهما فعل، لذا فإن العقل ينبغي أن يدفعه إلى تغيير نهجه وخططه بالإعلان بوضوح عن أنه سيتوقف تماماً عن ممارسة كل فعل كالذي كان يمارسه في السنوات الأخيرة بغية تحقيق تلك الأهداف معدومة القيمة، فمثل هذا الأمر سيجد دونما شك التقدير من قبل الحكومة التي ستعتبره رسالة إيجابية يستدعي الرد عليها بإيجابية، فيكون ذلك البعض قد أسهم في التمهيد للولوج إلى طريق الحل النهائي. ولعل الدور الأهم في هذا الخصوص يقع على عاتق الجمعيات السياسية التي يفترض أنها تستطيع بخبرتها أن تدل ذلك البعض على هذا الطريق وتقنعه بأهميته وتساعده على اتخاذ القرار الإيجابي.
ربما لا تعين طبيعة عقلية ذلك البعض على اتخاذه مثل هذه الخطوة الموجبة التي ستعود عليه بالنفع قبل غيره، لكن هذا لا يعني عدم إقدام الجمعيات السياسية على القيام بدورها ذاك، ولا يعني أيضاً أن يتم ترك ذلك البعض ليفعل ما يشاء، ذلك أن الضرر لن يقتصر عليه ولكنه يمتد إلى «المعارضة» على اختلافها وعلى هذا الشعب الذي مل وتعب من القفزات السالبة.