في الوقت الذي تستقبل فيه المنامة، درة مدائن مملكة البحرين، أصحاب الجلالة والسمو قادة دول الخليج للمشاركة في الدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإن قلوب وأفئدة أبناء الخليج تشرئب متطلعة إلى نتائج هذا الاجتماع المبارك الذي يواصل سنة حميدة لقادة الخير في الخليج تقرّب ولا تبعد، وتزيد اللحمة تماسكاً والصف توحداً والبنيان تراصاً.
وإذا كنا نستبشر خيراً بانعقاد القمة الخليجية السابعة والثلاثين فلنا أسبابنا الموضوعية، وأولها أن تجربة الأعوام التي انقضت منذ تأسيس هذا الحلف الخليجي أثبتت أن أي اجتماع بين القادة لا يأتي إلا بخير، فكيف إذا كانت هذه القمة تحديداً تأتي في مرحلة من أكثر مراحل تقارب وجهات النظر بين دولنا الست، وخصوصاً بعد الجولة المباركة لخادم الحرمين الشريفين لزيارة كل من الإمارات وقطر والبحرين والكويت.
كما أن طبيعة التحديات المشتركة في هذه المرحلة تتطلب تعاملاً مختلفاً بالتركيز على وحدة الموقف ووحدة العمل، سواء في الملفات التي تواجه دول الخليج مباشرة مثل الخطر الإيراني ومحاولات احتلال اليمن، والعراق، والمسائل المتعلقة بسوق النفط أو بشكل غير مباشر مثل الأوضاع في سوريا وليبيا، إضافة بالطبع لجملة التحالفات الاستراتيجية لدول المجلس في المنطقة وما وراءها، سواء مع الأشقاء في مصر والأردن والمغرب أو سلسلة الحوارات الاستراتيجية التي بدأت مع دول مؤثرة وفاعلة على مستوى العالم بدءاً من كندا غرباً وصولاً لليابان شرقاً.
وربما يمثل حضور رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي للقمة القمة الخليجية البريطانية الأولى المقرر عقدها في مملكة البحرين يومي 6 و7 ديسمبر على هامش الدورة «37» لقمة مجلس التعاون مناسبة مهمة، خاصة وأنها أول زيارة للمنطقة لرئيسة الوزراء المحافظة، وتأتي في غمرة انشغالات الدولة البريطانية بملفاتها الداخلية بعد استفتاء «البريكست» ونتائجه المعروفة، ما يشير إلى الأهمية العالية التي توليها بريطانيا لعلاقاتها الخليجية.
وبما أن هذه القمة ستناقش مكونات الشراكة الاستراتيجية بين بريطانيا ومجلس التعاون في المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية، وكذلك القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك، فربما آن الأوان للسياسة البريطانية في ملفات المنطقة أن تصبح أكثر تناغماً مع هذه الشراكة الاستراتيجية، وخصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن دول الخليج هي أكبر مصدر للاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة المتحدة.
لكن أهم ما تتعامل معه القمة الـ37 لمجلس التعاون هو ما يتصل بطموحات وحياة المواطن الخليجي أولاً وأخيراً، وفي هذا الإطار ننظر باهتمام إلى اتفاقية ربط المدفوعات بين البنوك المركزية ومؤسسات النقد الخليجية، التي ستتيح الكثير من التيسير للأعمال التجارية وحركة الأموال بين دولنا الشقيقة ما يوفر فائدة اقتصادية للجميع، حكومات وتجاراً وأفراداً، وعلى الأخص مع تنامي المشروعات التجارية عبر الحدود.
ويقال الشيء نفسه عن مشروع نظام التسوية الآنية للمدفوعات بين دول المجلس الذي نرجو أن يحقق تطلعات مواطني دول المجلس في توفير بيئة آمنة وسريعة للتحويلات المالية بين دول المجلس. وهنالك العديد من الملفات المهمة للمواطنين والتي نتوقع أن يتم التعامل معها بالإيجابية المعهودة في قمم المجلس المتعاقبة.
وكما أسلفنا فإن كل اجتماع خليجي هو بالضرورة اجتماع لخير أبناء الخليج، وكلما تقدمنا في وحدة الصف خطوة للأمام، استفادت شعوبنا مئات الخطوات، فعلى بركة الله يا قادة الخليج، وجمع الله شملكم ووحد صفكم على كل خير.