فرحة البحرين بعقد القمة السابعة والثلاثين في المنامة برئاسة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، كبيرة، وفرحتها بقدوم أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتشرف باستقبالهم اليوم كبيرة، وكبيرة أيضاً الآمال التي يعلقها شعب البحرين وشعوب دول مجلس التعاون الخليجي كافة على هذه القمة التي يتوفر العديد من المؤشرات المعينة على وصفها بقمة القرارات الصعبة، فهي تأتي وسط أجواء متوترة تشهدها المنطقة ومتغيرات تتسارع بشكل غير عادي بل مخيف، وظروف لم تمر دول مجلس التعاون بمثلها من قبل، وتأتي وسط مشهد يتطلب الجرأة في اتخاذ القرار حيث لايزال مشروع التحول من صيغة التعاون إلى صيغة الاتحاد يواجه صعوبات ربما تحول بينه وبين رؤية النور قريباً، وحيث تزداد الأمور صعوبة في العديد من دول المنطقة وخصوصاً في سوريا والعراق واليمن التي لايزال أزيز الرصاص ودوي المدافع والقنابل يميزها ويبيد أهلها، وحيث لايزال الإرهاب يتمتع بهامش كبير يتيح له الحركة بسهولة ويهدد حياة المواطنين في مختلف دول التعاون.
قمة المنامة قمة صعبة بكل المقاييس ولكن ثقة شعوب «التعاون» في قادة دول الخليج تجعل الجميع يؤمل خيراً ويعتقد جازماً أنها ستخرج بقرارات من شأنها أن تزيد دول التعاون قوة وقدرة على مواجهة كل الصعاب والتكيف مع مختلف المتغيرات والظروف والتعامل مع كل المستجدات بطريقة تكسب المواطنين الخليجيين الإحساس بالأمن والأمان.
كل المسائل التي كانت تلقى الاهتمام في القمم السابقة ستلقى الاهتمام في هذه القمة أيضاً، فلسطين كونها القضية المركزية وقضية العرب والمسلمين الأولى والأكبر، سوريا التي تحولت إلى كتلة من الآلام وتزداد تمزقاً، لبنان الذي صار له أخيراً رئيس جديد ولايزال «حزب الله» يتحكم في مقدراته، العراق الذي يشهد الكثير من التقلبات والمآسي و»الحشد الشعبي»، اليمن الذي لاتزال تسيطر عليه ميليشيات الحوثي التي تحصل على دعم من إيران، والإرهاب الذي صار يفتك بكل شيء. وستلقى الكثير من الاهتمام أيضاً المسائل الجديدة التي فرضت نفسها ومنها دونما شك المفاجآت التي شهدتها انتخابات الرئاسة الأمريكية والتي أنتجت رئيساً حصلت منافسته خلال فترة الانتخابات على دعم وتأييد دول التعاون ويتسم بصفات يتوقع أن تؤثر سلباً على العلاقة بين دول هذه المنظومة والولايات المتحدة، وكذلك التغير الذي حصل في بريطانيا التي ستحل رئيسة وزرائها الجديدة تيريزا ماي ضيفة على القمة.
الأكيد أيضاً ستلقى الكثير من الاهتمام المسائل الاقتصادية وخصوصاً ما يتعلق منها بهبوط أسعار النفط وتأثيراتها السلبية على مشروعات التنمية، وكذلك المسائل الأمنية وخصوصاً ما يتعلق منها بمحاولات بعض دول الإقليم التدخل في الشؤون الداخلية لدول التعاون، والمسائل الإعلامية حيث الإعلام اليوم سلاح لا يستهان به لمواجهة كل محاولات التخريب التي صارت تعاني منها دول التعاون في السنوات الأخيرة.
كثيرة هي المسائل التي ستلقى الاهتمام في هذه القمة الصعبة، وكثير هو تداخلها، وكلها أولويات، يضاف إليها مسائل العنف والطائفية والتفاهم العربي شبه المفقود والتوتر في العلاقة بين بلدانه في كل حين، والقضايا الإسلامية والدولية، وغيرها كثير.
اليوم تبدأ القمة، وغداً سيتلى في جلستها الختامية البيان الختامي الذي سيتضمن إشارات لكل هذه المسائل والقرارات التي تم اتخاذها والتي يؤمل أن يكون من بينها قرار الإعلان عن قيام الاتحاد الخليجي والذي يعتقد الكثيرون أنه سيحظى بالنصيب الأوفر من المناقشات خلال يومي القمة خصوصاً بعد التحرك الذي سبق عقدها ومنه الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى عدد من دول التعاون والتي يعتقد أنها تتعلق بهذا الموضوع بشكل خاص.