ميليشيات شيعية تحاصر حلب والموصل والأمم المتحدة تحذر من كوارث، الحوثيون يحاصرون تعز ويقصفونها بالمدفعية ويرفضون الانصياع للقرارات الأممية، هل نحن أمام «انقلاب شيعي» على العالم العربي؟ هل نصب لهم فخ انقادوا إليه دون إدراك لتبعاته؟
مازلت مؤمنة أن قصة تحرير المدن العربية من «داعش» مشروع إيراني قومي فارسي ومطيته شيعة العرب، تستغلهم لتتمدد هي بدعوى حمايتهم وحماية مراقد أئمتهم، مازلت مؤمنة أن القضاء على «داعش» لا يحتاج إلى ميليشيات شيعية فما صنعت داعش «السنية» إلا لخلق «ميليشيات إيرانية» وما تفخيم وتعظيم الحاجة لميليشيات طائفية شيعية إلا «فخ» نصب لشيعة العرب وانقادوا له مع الأسف.
هناك استدراج واضح للشيعة العرب كطائفة عاشت مسالمة طوال الحقب التاريخية الماضية في حضنها العربي لجعلها في صدام ومواجهة مع محيطها العربي.
القرار العراقي في إلحاق ميليشيات شيعية في الجيش هو إمعان في حرق المراكب المتبقية لعودة شيعة العراق للحضن الوطني العراقي، وإمعان في بيع العراق حكومة وجيشاً للجمهورية الإيرانية، فما الحشد سوى مجموعة من الميليشيات معظمها يستلم مخصصاته من إيران ويقود أكبر تنظيماتها قاسم سليماني بنفسه. فما قولك؟ ما تعليقك؟
حزب الله يحرق مراكبه اللبنانية العربية بإعلان قائده أن ميليشياته اللبنانية الشيعية تستلم مخصصاتها من إيران، وكذلك الحوثيون في اليمن يعتمدون في انقلابهم على السلاح المهرب لهم من إيران.. فإلى متى سيستمر الدعم على حساب الشعب الإيراني؟
أما الأجنحة السياسية لتلك الميليشيات الشيعية «الأحزاب» فأصيبت بالجشع والنهم للسلطة رغم أنها تعرف أنها لم ولن تتمكن من الحصول على الغالبية التي تسمح لها بتشكيل الحكومة في دولها، لكنها وبتهديد سلاح ميليشياتها الإيراني، وبثلثها المعطل للقرار التشريعي استطاعت أن تعطل تشكيل الحكومة في لبنان، وكذلك فعل الحوثيون في اليمن بإصرارهم على تشكيل حكومتهم غير الشرعية وهم الذين لا يمثلون أكثر من 5% من المجتمع اليمني ضاربين بعرض الحائط كل القرارات الأممية، وكذلك فعلت الميليشيات الطائفية المدفوعة الأجر من إيران تمكنت أن تجبر الحكومة العراقية وتخضعها رغماً عن أنفها.
لذا تتبدى الأزمة التي وقعت فيها الطائفة الشيعية الكريمة بعد أن سقطت «الدولة» التي تمرد فيها قادتها وتركت فراغاً، أنه لا يمكنها كأقلية تعبئة هذا الفراغ، كما لا يمكنها كأقلية وسط محيط مخالف أن تخل بالتركيبة الاجتماعية والسياسية للإقليم إلا بقوة السلاح، وعلى هذا الأساس سيحتاجون دوماً لتحالفات أجنبية خارجية على المدى الطويل وهو أمر غير مضمون في المحاولات المحدودة التي جرت على مر التاريخ، فليست هناك قاعدة يستندون عليها في الداخل تضمن لهم الاستمرارية.
السؤال إذاً الذي يجب أن يقلق منه شيعة العرب ويسأل لقياداتهم التي تتحدث باسمهم وتقود تلك الميليشيات والأحزاب بدعاوى الدفاع عنهم، ما هو مصيرنا إن تخلت إيران عنكم؟ كيف لنا أن نضمن أمن جماعتنا لو انهار هذا الحلف الإيراني الشيعي العربي يوماً لأسباب عديدة فهو تحالف مرهون ومربوط بالمصلحة الإيرانية بالدرجة الأولى؟
كيف سينعكس توليكم السلطة على الأمن في دول عربية لها حدود مع العواصم التي استوليتم عليها بقوة السلاح، إنكم لم تتمكنوا من الاستمرار إلا من خلال دعم أجنبي غير مضمون، فلن ينعكس فراغ السلطة على كرسي الحكم، بل سينعكس بالدرجة الأولى على الأمن، فحين تسقط الدولة يسقط متاع السلطة معها وينهار الأمن.
العواصم التي دمرت لن تنسى مشاهد حلب المروعة وحشود المهجرين في الموصل المحاصرة وصور مجاعة سكان تعز، فلن تكون هذه الأحداث هي الفصل الأخير في الرواية، هذا ما يؤكده التاريخ وتثني عليه الجغرافيا.
عالمنا العربي بحاجة إلى أن يرى تحركاً جماعياً شيعياً يقف خلف الأصوات الانفرادية التي بحت وهي تصرخ تطالب جماعتها بالإفاقة من الإغواء وعدم الانقياد للفخ المنصوب لهم، بحاجة إلى تحرك جماعي يقف مع العلامة علي الأمين والعلامة الحسيني والعلامة الصرخي والعلامة فضل الله لينقذ ما يمكن إنقاذه من فصول للرواية لم تكتب بعد، نتمنى ألا يجري الوقت ونراها قد فرضت نفسها علينا.