قبل أيام مضت، احتفل العالم باليوم الدولي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو بالنسبة إلينا يعتبر من أهم المناسبات التي يجب أن نوليها عناية خاصة لأهميتها ومكانتها الإنسانية. فكلنا يعلم أن «يوم 3 ديسمبر من كل عام يعدّ اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة. يهدف هذا اليوم إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم التصاميم الصديقة للجميع من أجل ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يدعو هذا اليوم إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية».
في الوقت الذي يتسابق العالم المتقدم لتقديم أرقى أنواع الخدمات وأجودها لذوي الاحتياجات الخاصة وابتكار واختراع أفكار متطورة لأجل وضعهم على مقدمة الخارطة الإنسانية، نجد -مع الأسف- أن الكثير من مجتمعاتنا الشرقية مازالت تستخدم هذه الشريحة كمادة دسمة للتهكم والضحك خصوصاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذه الممارسات غير الأخلاقية بحق ذوي الاحتياجات الخاصة لم تعد حالات فردية أو «بسيطة»، بل تكاد تتحول إلى ظاهرة مجتمعية عربية قوية بسبب تقبل أفرد هذه المجتمعات لتلكم التصرفات غير اللائقة بحق هذه الشريحة المهمة في المجتمع، بل هناك تسابق محموم بين الكثير من أصحاب مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام هذه الشريحة بشكل سلبي في سبيل إضحاك أكبر قدر ممكن من التافهين في مجتمعات لا تعرف أهمية ومكانة هذه الفئة من البشر.
ليس هذا وحسب، بل وجدنا أن بعض الفنانين العرب وبدل أن يقوموا بتناول قضايا ذوي الاحتياجات الخاصة في بلداننا العربية ومعالجتها وتسليط الضوء عليها، يقومون بالسخرية منهم سواء بشكل صريح وواضح أو حتى عن طريق الهمز واللمز، وهؤلاء يعتبرون عاراً على الفن والفنانين حين يفشلون في معالجة قضايا المجتمع، فيتجهون للسخرية من أضعف حلقات المجتمع بشكل مستفز ومؤلم، وهذا الأمر يعتبر من أبرز معوقات الثقافة وأزماتها في وطننا العربي.
ما يسهم في انتشار مثل هذه الأفكار السامة في أوساط مجتمعاتنا العربية هو تقبلنا لمثل هذه الممارسات دون وخزٍ من ضمير، بل نحن نساهم بشكل مباشر وغير مباشر في هذه الجريمة عبر استقبالنا للمواد الإعلامية سواء كانت «نكت أو صور أو مقاطع فيديو وغيرها الكثير» لنقوم بعد ذلك بنشرها بيننا بشكل كبير من أجل الضحك والسخرية من أشخاص لم يكن بإرادتهم أن يكونوا هكذا لكنها إرادة السماء التي شاءت لهم أن يكونوا كذلك!
يجب علينا محاربة هذه الظاهرة بقوة القانون والضمير. نحن اليوم نطالب بإنزال أقصى العقوبة على كل إنسان يسخر أو يقوم بالتهكم على هذه الشريحة المحترمة من البشر، كما نطالب بتجريم كل شخص يقوم بنشر مواد تحط من قدر ذوي الإحتياجات الخاصة، فالعالم لم يعد يحتمل كمية الأذى الذي يمكن أن تسببه هذه الطفيليات البشرية لإنسان لم يكن له أدنى قرار أو ذنب في خَلْقه، لكننا نجزم من الآن وصاعداً أن الإعاقة الحقيقية ليست في هذا الجسد الطيني وإنما تقع وتتكتل في وسط الروح المريضة وبين جنبات عقل مختل ومشوَّه.