الاستقبال اللافت الذي لقيه خادم الحرمين الشريفين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي دولة قطر، وفي مملكة البحرين، التي ترأس فيها وفد بلاده للمشاركة في القمة السابعة والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون، ولاحقاً بدولة الكويت، رسالة خليجية واضحة وقوية إلى كل العالم، ملخصها أن «سيد العزم والحزم»، هو رجل المرحلة، وأن دول الخليج العربي مع شقيقتها الكبرى قلباً وقالباً، وأن من يحاول تعريض أمن هذه الدول للخطر سيجد أمامه سداً منيعاً وقوة صار العالم كله يحسب لها ألف حساب.
حسب المحللين فإن جولة خادم الحرمين الشريفين هدفت بالدرجة الأولى إلى «توطيد العلاقات الخليجية وحشد الرأي الخليجي وراء رؤية السعودية 2030 التي أطلقها ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والبحث مع قادة الإمارات وقطر والكويت في أزمتي سوريا واليمن، وأزمات أخرى تتولى السعودية مسؤولية حلها»، أما الاستقبال اللافت فيعبر أيضاً -حسب السياسيين- عن «الثقل الذي تمثله السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، والدور الاستراتيجي الذي تقوم به في المنطقة».
في مرحلة «سيد العزم والحسم» لم تعد «البضاعة الإيرانية» تجد مشترين لها، لذا فإن القول المنسوب لخامنئي وملخصه أن «تذمر الغرب من تدخلات إيران في الشرق الأوسط سببه تواجد القوات الإيرانية على حدود إسرائيل وأن هذا فخر لنا»، لم تعد له أية قيمة لأن العالم كله صار يعرف أن هذا القول وأمثاله ليس إلا متاجرة واستخفافاً بالعقول، فمن يريد محاربة إسرائيل لا يتحالف مع «الشيطان الأكبر» ويوقع معه الاتفاقات التي تتضمن ملاحق سرية أملاً في «إخافة الجيران»، ومن يريد محاربة إسرائيل لا يتدخل في شؤون جيرانه.
رسالة دول مجلس التعاون إلى إيران واضحة ومفادها أنها مع السعودية التي تتحمل العبء الأكبر في إعاقة المخططات الفارسية وبسط النفوذ الإيراني والسيطرة على الخليج العربي وأن كل محاولات إيران لتحجيم الدور السعودي ستبوء بالفشل وأن نهاية النظام الذي يحكمه الملالي لن تتأخر أياً كانت الأدوات التي يستخدمها، وأنه إضافة إلى كل ذلك فالأكيد هو أن شعوب التعاون قادرة على التمييز بين الغث والسمين، وهي تمتلك الخبرة الكافية التي تعينها على تبين ما تخطط له إيران وترى بوضوح كيف أنها تستخف بعقول بعض الشيعة العرب بغية التغلغل في بعض دول الخليج العربي وعلى الخصوص مملكة البحرين التي عانت ولاتزال تعاني من التدخلات الإيرانية.
المثال الذي يجب على إيران أن تستفيد منه هو ما قدمته السعودية في اليمن بدءاً من الدعوة إلى إنشاء التحالف العربي الذي أظهر مكانة السعودية وعاهلها في العالمين العربي والإسلامي بشكل خاص، وأكد رغبة الشعوب العربية والإسلامية في وضع حد لكل أنواع الاستهتار الذي مثاله ما فعله الحوثيون في صنعاء، وانتهاء بما حققته السعودية ودول التحالف من انتصارات على المتمردين على الشرعية في اليمن ومنع نظام الملالي من الاستمرار في دعم المتمردين هناك، وكذلك ما تقدمه السعودية ومعها دول التعاون في سوريا ولبنان والعراق وغيرها من البلاد العربية التي صارت شعوبها تتمنى على السعودية وقائدها توفير أمثلة أخرى تضع حداً لكل من تسول له نفسه التدخل في الشؤون العربية، وهو ما لن يتأخر تحققه طالما التفت الدول العربية والإسلامية حول راية «سيد العزم والحسم» الذي هو رجل المرحلة بلا منافس.
لا يمكن لنظام الملالي أن يقف في وجه القوة الخليجية التي تتنامى وتهيأت لها كل الظروف لتكون رقماً موجباً وصعباً، ولعل الرسالة التي جاءت في صورة احتفاء غير عادي بزيارة «سيد العزم والحسم» إلى بعض دول «التعاون» كانت واضحة.