الجميل في قمة مجلس التعاون في المنامة، أنها أرسلت رسالة صريحة واضحة للعالم، بأن هذا «الاتحاد» الموجود بين قلوب أهل الخليج، وهذا «الاتحاد» الموجود في مواقفهم الداعمة لبعضهم البعض، من الصعب جداً كسره. بعينها رأت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي كيف هي لحمة أبناء الخليج العربي، وكيف هو مستوى التعاون الرفيع بين قادة دول مجلس التعاون، وهي بنت نظرة بلادها المستقبلية في مد المزيد من جسور التعاون مع دول المجلس على أساس هذه العلاقة القوية. صحيح أن إعلان الاتحاد لم يتم في قمة المنامة، بل خرجت القمة بتوصية استيفاء دراسة كافة الأمور المعنية به، تمهيداً لعرضه في القمة القادمة بالكويت، صحيح أن الاتحاد لم يعلن عنه بشكل كمنظومة رسمية، لكن من يتابع تناغم قادة المجلس وتفاهمهم وجلساتهم ومناقشاتهم، يدرك تماماً بأن هذا الاتحاد الخليجي متحقق منذ زمن، بل هو يأتي على هيئة متكاملة لشخصية وهوية الإنسان الخليجي الذي يتداعى لشقيقه إن احتاجه، والأمثلة كثيرة جداً وقريبة. جملة أعجبتني في كلام وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد في المؤتمر الصحفي يوم أمس، إذ أكتب هذه السطور وأنا أستمع له، قال الشيخ خالد بأن «الاتحاد متحقق في القلوب»، وأن دول الخليج تداعت لأجل بعضها بعضاً، وحاربت مع بعضها بعضاً، ودافعت عن الحدود وصدت الشرور، وفي هذا توصيف يعتبر أدق ما قيل عن هذا الاتحاد الذي لا تحده حدود. لا أحتاج لمنظومة تجمعني مع شقيقي الخليجي تسبق منظومة الارتباط القلبي والعاطفي، هذا هو الارتباط الموجود والواضح، والذي بموجبه تكون لدينا أرضية مناسبة لاتخاذ مزيد من الخطوات الجادة وتفعيل أطر التعاون. قمة البحرين ركزت على التكاملية بين دول المجلس، أمنياً بحثت القمة تعزيز التلاحم الأمني، خاصة عبر التمارين الأمنية على الأرض، أو عبر تأسيس الشرطة الخليجية الموحدة. أمن الخليج يأتي فوق كل اعتبار، وهي نفس اللهجة التي استخدمتها تيريزا ماي، حينما أرادت مد المزيد من جسور التواصل مع منظومة دول الخليج، إذ الملفات الأمنية المشتركة، هي أكثر ما يقرب التحالفات خاصة في مثل هذه الظروف المحيطة. بالتالي أمن بريطانيا من أمن الخليج، جملة لا يمكن أن تلقى هكذا من قبل تيريزا ماي، بل رئيسة الوزراء البريطانية جاءت لتحل ضيفة على القمة رغبة في تعزيز هذه العلاقات، خاصة في ظل التوجهات الجادة للتحول إلى الاتحاد، وهي بذلك لم تقف عند صراخ بعض وسائل الإعلام وتحليلاتها، وهي التي طالبتها بأن تفتح ملفات تخدم مستهدفي دول الخليج من طامعين وكارهين، لكن ماي قالت الجملة وهي مؤمنة بها، فالمنظومة الأمنية اليوم التي تسعى بريطانيا لتعزيزها في منطقة الخليج تستدعي التعامل مع دول المجلس بشكل شفاف ونزيه. عموماً، الحديث عن قمة مجلس التعاون يطول، فرحنا لأن بلادنا احتضنت الأشقاء ومحبيها من أهل الخليج، قيادات الخليج العربي تلاقت وسط احتفاء جلالة الملك حمد حفظه الله بهم، العيون تركزت على ما يقال ويتسرب من معلومات، المتربصون فتحوا عيونهم على أشدها، والمتقلبون حينما رأوا الحزم والحسم، في ظل وجود سلمان الحسم ومع بقية قادة دول الخليج «نامت» عيونهم. سؤال وجهه لي زميل أمس، مفاده هل قمم مجلس التعاون الخليجي، هدفها البهرجة والاستعراض الإعلامي، أكثر منها تحقيق ملفات على الأرض؟!إجابتي اختصرتها كثيراً، لأنها بديهية ويفترض أن يدركها كل مواطن خليجي، إذ «إعلان وحدة الموقف» و»استعراض القوة»، كلها أمور تتجلى من قمم مجلس التعاون الخليجي، تكفي صور الوحدة والتلاحم لتجعل المعتدي يفكر ألف مرة على استهداف 6 دول ستتحول في سرعة قياسية لكيان واحد يقض مضجعه، ناهيكم عن ملفات عديدة تحققها القمم على الصعيد الاقتصادي والأمني والعسكري وغيرها، كلها يبينها البيان الختامي المشترك.حفظ الله الخليج العربي وقياداته وشعبه، وجعل وحدتهم واتحادهم شعاراً دائماً لهم.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90