تقرير اللجنة المالية الخاص بتقرير ديوان الرقابة المالية والذي سيناقش يوم الثلاثاء في جلسة مجلس النواب العلنية يخلص إلى نتيجة مفادها أن هناك «سوء إدارة» لأموال الدولة عجزت الحكومة عن معالجته بناء على ملاحظات ديوان الرقابة.
في هذه اللحظة البحرين ليست بحاجة إلى تبادل اتهامات بين الحكومة والنواب والحكومة والإعلام والحكومة والناشطين في وسائل التواصل الاجتماعي، والبحرين لن تنفعها الاستعراضات اللغوية والعضلية، نحن بحاجة إلى النظر بجدية إلى الحلول إن وجدت لمعالجة الأضرار إن وجدت خاصة بعد أن خفضت إحدى وكالات الائتمان «ستاندرد آند بورز» تصنيفاً قبل يومين، فالأمر إذاً بحاجة إلى أن نقر أنه لا الحكومة نجحت بأسلوبها ولا السلطة التشريعية قدمت البديل ولا النقاش العام ارتقى لحجم هذه التحديات.
في هذه اللحظة لا ينفع تجنيد وتحريك بعض الأقلام المعروفة بالاسم لإسكات أي صوت يجرؤ على السؤال، من ينصحكم بهذا الأسلوب فهو الذي أضر بكم أكثر من غيره، فلم يتحسن الأداء نتيجة قفل باب النقاش سابقاً بتلك الأساليب، جربوا هذه المرة أن تستمعوا للجميع بأريحية فقد تجدون من يساعدكم.
حين يخرج تقرير للجنة المالية للمجلس النيابي بهذا الاستنباط الذي يشير إلى وجود تخبط أو سوء إدارة لن ينفعنا أن يقف النواب في الجلسة العلنية إن لم يكونوا يملكون البدائل والحلول لمواضع الخلل.
لن يفيدنا إعلام أو وسائل تواصل اجتماعي تقف عند «ضاعت فلوسك يا صابر.. وفي المشمش» وإلخ من تعبيرات تزيدنا إحباطاً ولا تضيف لنا معلومة.
لا بد أن تتوقع الحكومة أن المجتمع البحريني سيفتح باب النقاش والحديث حول تقرير اللجنة الذي أضاف بعداً آخر على تقرير ديوان الرقابة المالية، هذا النقاش سيكون في عدة ميادين داخل وخارج القبة البرلمانية ويحتاج إلى انفتاح وأريحية من الحكومة واستعداد للاستماع لجميع وجهات النظر والإعداد للردود الشارحة والموضحة والمدافعة عن أدائها، لا أن تصاب الحكومة بالضيق والاختناق وعدم الارتياح وتسعى لقفل باب النقاش كما جرت العادة!
ما يهمنا اليوم هو أن نسمع نقاشاً راقياً متحضراً متخصصاً مهنياً، ما نسعى لسماعه هو حلول وبدائل ومبادرات، نستطيع أن نفتح باب الهجوم والنقد و»الطنازة» و»التحلطم» والبكائيات، لكن أياً منها لن ينفع الحكومة في تحسين أدائها كما أنه لن ينفع البحرين في شيء وذلك أسلوب له أضراره التي لا تقل عن أضرار غلق باب النقاش قسراً.
لنركز على ما بينه تقرير ديوان الرقابية المالية من تقصير وأخطاء تسببت في أضرار للوضع المالي وعدم تحسن الوضع الاقتصادي، لنفتح باب النقاش ونرفع السقف بموضوعية، ضع لنا يدك على موضع الخلل وأعط رأيك بالبدائل.
تقرير ديوان الرقابة يقول إن هناك وزارات تجاوزت في مصروفاتها المبالغ المخصصة لها، وبلغ حجم التجاوزات 83 مليون دينار، ووزارات حملت الدولة عبء الاقتراض لتلبية مشاريع تقدمت بها أول السنة ومع ذلك لم تنجز منها سوى 35% فقط، ما معنى هذا الكلام؟ اشرح للناس مع الأخذ في الاعتبار ردود الحكومة إذ قد تكون لها أسبابها.
باب للهدر المالي كالساعة الرملية المقلوبة تنهمر منه الملايين «إيرادات غير محصلة» وهي مستحقة للدولة تتقاعس الحكومة عن جمعها وإيرادها خزينتها، صندوق سيادي يعمل ويستثمر ويقترض على حسابنا لكنه خارج نطاق إيراداتنا ناهيك عن كونه خارج نطاق محاسبتنا، صناديق بها ملايين الدنانير شبه مجمدة لا نعرف كيف نديرها بعضها لا تجتمع مجالس إدارته وبعضها لا يملك إدارة لقياس المخاطر، فوضى اقتصادية ومالية وعدم تنسيق بسببها لم تقدم الدولة جدولاً زمنياً يوضح خطتها لسداد الدين العام الذي كان 7.2 مليار دولار العام الماضي وأصبح 9 مليارات، تخفيضنا للمصروفات الحكومية كان تضييقاً على أمور لم تجدِ وفتحنا بالمقابل المجال لمصاريف أخرى غير ذات جدوى، والأهم كم زادت إيراداتنا، ولا نريد أن نسمع نسباً، بل احسبها «كاش» كم كانت قبل عام من الآن وكم أصبحت الآن حتى نقيم الأداء العام للحكومة؟ فذلك أحد أهم المؤشرات التي تبين أداء أي حكومة.
هذه معلومات وليست آراء ورد ذكرها في تقرير ديوان الرقابة وتقرير اللجنة المالية وستطير بها المجالس والدواوين لا تحتاج إلى إسكات وقفل باب النقاش وتسفيه، فذلك أسلوب لن ينفع الحكومة ولن ينفع البحرين، بل نحتاج أن نسمع لردود الحكومية عليها، فالحكومة التي تملك الردود تمنح الثقة في حسن إدارتها وتمنح الثقة لدولتها حين يأتي وقت التصنيفات الائتمانية.