وفي ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم يزدان الكون ويتجدد، ويكتسي حالة من السلام والأمان والأمل. سيدنا محمد كان أيقونة تسامح وصفح وعفو عمن أساء، هذا ما نعرفه، وهذا ما تثبته السيرة النبوية، فكيف استطاع البعض ترويج صورة غير حقيقية عن طبيعة الإسلام وشخصية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
يسأل الكثيرون عن كيفية الدفاع عن الإسلام إزاء الهجمة الثقافية الشرسة التي يتعرض لها في سياق الأحداث السياسية الحالية. ويسأل آخرون: هل فعلاً الإسلام مستهدف ومهدد؟ وهل المسلمون مستهدفون لأنهم مسلمون فحسب؟! وعند تفنيد ما يعتبره البعض هجوماً ضد الإسلام فإننا سنجده صادر من جهتين، الأولى من الجهة الداخلية، ومن بعض المسلمين، والثانية من الحملات الخارجية من قبل غير المسلمين.
الجهة الإسلامية الداخلية تختلف نواياها ومقاصدها وإن جاءت في شكل مراجعات لكتب التراث وحملة تشكيك في كثير مما نظنه من ثوابتنا ونعتبره معلوما من الدين بالضرورة. والتعامل مع هذه الجبهة يستدعي فتح باب النقاش والشفافية، والتوسع في قبول تجديد الأفكار وتشذيب الدين مما علق به من التصورات الاجتماعية والاجتهادات الفردية التي تداخلت مع المعتقدات المقدسة. وكان المنفذ الذي ولجت خلاله أكثر حركات المشككين هو غلق باب الاجتهاد، والوقوف عند فتاوى القرن الرابع الهجري، وتجاهل الألف عام التي مرت على الأمة بمتغيراتها الاجتماعية والتاريخية، وأثرها في سلوكنا الديني.
أما الهجمات الخارجية فأغلب مصادرها السلوك الإسلامي غير السوي، الذي عبر عنه بعض المسلمين في اختلاطهم مع الآخر من غير المسلمين، وباتجاه فئة من المتطرفين للعمليات الإرهابية. وأهداف الهجمات الخارجية ليست الدين الإسلامي باعتباره معتقداً وتصوراً للرب والمقدسات والحياة والموت. ولا تستهدف المسلمين باعتبارهم طائفة تؤمن بمجموعة معتقدات. بل هو استهداف سياسي يهدف إلى السيطرة على الجغرافيا الدقيقة والثروات الهائلة وخلخلة الكتلة السكانية الضخمة والمتجانسة. وتلك صراعات يتعين فهمها جيداً لإدراك حقيقة الصراعات السياسية وكيف يتم تلبيسها بالشبهات الإيديولوجية.
ورداً على كل الهجمات أو ما يعتقد أنه استهداف مباشر للإسلام والمسلمين. فليس ثمة رد أقوى وأمضى من التزام المسلمين بتعاليم الدين الإسلامي. فالإسلام ليس مجموعة نصوص قرآنية ونبوية يتم ترديدها حفظاً وسرداً. والإسلام ليس مظهراً مختزلاً في اللحية الطويلة والجلابيب والحجاب والنقاب. الإسلام مجموعة من القيم والمبادئ التي تدعو إلى السلام والمحبة وقبول الآخر والصدق والأمانة والنجدة والشرف والكرامة.
وفي يوم مولد الهدى عليه الصلاة والسلام تتجدد لنا القدوة فيه وفي سيرته، ويذكرنا يوم ميلاده بأنه النموذج الإسلامي الذي بأسوته والاهتداء بنهجه يرد عن الإسلام كل شبهة وكل هجوم.