اهتم البيان الختامي للدورة السابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون – كما البيانات السابقة له – بتجديد التأكيد على مواقفه الثابتة الرافضة لاستمرار احتلال إيران للجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتأكيد دعم حقها في السيادة عليها وعلى المياه الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضيها. كما اعتبر البيان أية قرارات أو ممارسات أو أعمال تقوم بها إيران على الجزر الثلاث باطلة ولاغية ولا تغير شيئاً من الحقائق التاريخية والقانونية التي تجمع على حق سيادة الإمارات عليها. وكما في كل عام دعا المجلس الأعلى الجمهورية الإيرانية للاستجابة لمساعي الإمارات لحل القضية عن طريق المفاوضات المباشرة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.
ولكن، لأن إيران تعتبر هذا الكلام - الذي للأسف لا يجد مواطنو التعاون ومواطنو الإمارات على وجه الخصوص ترجمة عملية له على أرض الواقع – قاسياً ولا تحتمله، سارع المتحدث باسم خارجيتها بهرام قاسمي إلى الزعم بأن «الجزر الثلاث الواقعة في الخليج جزء لا يتجزأ من التراب الإيراني»، مواصلاً أكاذيبه بالقول بـ «المزاعم التي لا صحة لها على الإطلاق» وأنها «تفتقر إلى المصداقية والصحة» و»لن يؤثر على وحدة أراضي إيران وسيادتها على الجزر الثلاث»! ومكرراً الإسطوانة المشروخة التي ملخصها أن «السياسة المبدئية لإيران تقوم على حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى»، وزاعماً أن دولة الإمارات «تسعى لإثارة التوتر وتقويض العلاقات الثنائية» بسبب البيان الذي رفع إلى الأمم المتحدة ووقعت عليه عشر دول، وواعداً بالرد عليه «في المحافل والمجاميع الدولية طبقاً للقوانين والأعراف القانونية والحقوقية في العالم». ولم ينس قاسمي مهاجمة دول التعاون بسبب إدانتها تسييس إيران لموسم الحج والتدخل في شؤون البحرين معيداً تلك الإسطوانة المشروخة والتي لم يعد يصدقها أحد بسبب ممارسات إيران لما يناقضها من أفعال على أرض الواقع.
الحقيقتان اللتان ينبغي أن تدركهما إيران جيداً، الأولى هي أنه لو كانت الجزر الإماراتية الثلاث إيرانية لما ترددت الإمارات ودول التعاون كافة عن القول بأنها كذلك ولما قالت إنها تابعة للإمارات وتم احتلالها في ظروف يعلمها النظام الإيراني جيداً، والحقيقة الثانية، هي أن دول التعاون لا يمكن أن تتنازل عن شبر واحد من تلك الأراضي لأنها جزء من الإمارات ولا بد أنها ستجد الوسيلة لإرغام إيران على إعادتها إلى أهلها، حيث استمرار احتلال إيران لتلك الجزر وتفضيل الإمارات ودول الخليج العربي كافة أسلوب الكلمة الطيبة مع إيران لا يعني أنها صارت إيرانية أو أن الإمارات خسرتها إلى الأبد.
الجزر الثلاث إماراتية، ودعوة الإمارات إيران إلى المفاوضات المباشرة لحل هذه المشكلة أو القبول بالذهاب معاً إلى محكمة العدل الدولية ليس تعبيراً عن ضعف وإنما مراعاة لكثير من الأمور من بينها العوامل الجغرافية والدينية وحرص دول التعاون جميعها على عدم التسبب في زيادة حالة التوتر التي تعاني منها المنطقة.
ما ضاع حق وراءه مطالب، هذا ما تقوله الإمارات وما تؤمن به، والأكيد أنها ومعها أخواتها دول التعاون ستستمر في هذه المطالبة عبر القنوات التي تتيحها القوانين والأعراف الدولية، وعبر التأكيد على أن بإمكان إيران أن تصلح علاقتها مع مختلف دول التعاون بإعادة الجزر الثلاث إلى الإمارات وبمراجعة سلوكها الذي لا يمكن لهذه الدول أن تقبل به مهما كررت تلك الإسطوانة لأن الواقع يؤكد أموراً أخرى ولأن الأدلة والبراهين الكثيرة صارت متوفرة في العديد من دول مجلس التعاون وكلها تؤكد تورط إيران في تلك السلوكيات الخاطئة والمنفرة لجيرانها المسالمين.