يحتل القطاع الخيري حيزاً مهماً من الثروة القومية في البلدان المتقدمة، ويقدم خدمات كثيرة في مجالات عدة، هو يمثل القطاع الثالث شريك للقطاعين الآخرين في عملية التنمية المستدامة.حيث بلغت المساهمات الخيرية في أمريكا حوالي 241 بليون دولار سنة 2004 وهي تمثل حوالي 2.2% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي وقفز المبلغ إلى 295 بليون دولار سنة 2006، أي بلغ تبرع الفرد 2.2% من متوسط دخله الصافي بعد خصم الضريبة مقارنة بـ 1.8% لسنة 2004. إن الأدوار التي يقوم بها القطاع الثالث على العالمي يجد أنها تنطبق على الأدوار االمستوى لتي تقوم بها مؤسسات الوقف والزكاة في الاقتصاديات الإسلامية، فكل ما تقوم به مؤسسات الوقف والزكاة يجعل العلاقة بين هذه المؤسسات والتنمية المستدامة أمراً لازماً، بل إن العملية التنموية المتوخاة من الأوقاف والزكاة تتسم في أغلب حالاتها بالديمومة والاستمرار، إذ تتفوق مؤسسات الأوقاف والزكاة على موارد التمويل الأخرى بأنها تمثل مورداً منتظماً يفي باحتياجات التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة بدرجة كبيرة، فهي تمثل مورداً مالياً هاماً لتمويل التنمية المستدامة. وقبل التطرق إلى دور الوقف في تحقيق التنمية الاجتماعية المستديمة نقف عند مفهوم الوقف وفي الاصطلاح الفقهي: فهو تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة وهو على نوعين، أهلي: ويقصد به وقف المرء على نسله أو أقربائه، ووقف خيري: وهو الوقف على جهة بر ومعروف. وأفضل التعاريف، قولهم: «حبس العين وتسبيل ثمرتها»، فهذا أجمع التعاريف في تعريف الوقف، ولعله يشمل كافة أقوال الفقهاء في تعريف الوقف وبيان أحكامه وهو: قطع التصرف في رقبة العين التي يدوم الانتفاع بها، ولا يجوز التصرف بها، وفي نفس الوقت يحق التصرف بمنافعها وثمراتها. هناك صيغ وآليات مستجدة يمكن للوقف أن يسعى من خلالها الإسهام في دفع عجلة التنمية المستدامة، حيث كان من الضروري استحداث صيغ عصرية للعمل الوقفي تستهدف استعادة الوقف لدوره الفاعل في تقديم الخدمات التنموية للمجتمع في إطار إسلامي مع تنظيم مشاركة شعبية في الإشراف على شؤونه، وذلك من خلال:الصكوك الوقفية: فهي الوثائق المحددة القيمة التي تصدر بأسماء مالكيها مقابل الأموال التي قدموها إلى الجهة الموقوف عليها أو من يمثلها، بقصد تنفيذ مشروع وقفي معين، واستغلاله وتحقيق الغايات، الحاجات الوقفية المقصودة من وراء ذلك، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية أو غير ذلك..تكمن الأهمية لهذه الصكوك في أنها من الطرق الناجعة والمستحدثة في تجميع الموارد المالية المتناثرة لدى جمهور الراغبين في وقف أموالهم في مشاريع كبيرة وناجحة، لما يترتب عليها من آثار في الواقع الاجتماعي.الوقف المؤقت: هو ربط الوقف بأجل معين ينتهي بانتهاء هذا الأجل طال أم قصر وتفعيل هذه الصيغة لها دور فعال في التنمية الاجتماعية المستدامة.الصناديق الوقفية: هي تقوم بإحياء القطاع الوقفي من خلال ما تقوم به من مشروعات تنموية في إطار إدارة وتثمير العمل الوقفي، حيث تقوم هذه الصناديق بتمويل التنمية العلمية ورعاية التعليم والبحوث والدراسات التنموية، وكذلك التنمية الصحية وتنمية المجتمعات المحلية، والتنمية البيئية.الوقف النامي: في الوقت الحاضر فإن أفضل السبل لضمان نماء المال هو استثماره في أنشطة اقتصادية متنوعة مع الحرص على إيداعه لدى جهة «حفيظة وعلمية» أو ما يصطلح بالإدارة الفعالة الرشيدة.باحث في العلوم الإدارية والمالية
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90