يأتي «حوار المنامة» تزامناً مع ما تمر به المنطقة من أحداث تعصف بالوضع الأمني، وتحديات تهدد الكيان الوجودي. إن التحديات التي تشهدها منطقة الخليج العربي غير مسبوقة، خاصة تلك التهديدات النابعة من المحيط الإقليمي في كل من سوريا والعراق واليمن، والسؤال يكمن في تباين إدراك تلك المخاطر بين الأطراف سواء كانت إقليمية أو دولية، وذلك يرجع لاختلاف المصالح السياسية والاقتصادية، ومدى إدراك المصلحة الوطنية لدول الخليج العربي. هناك ضرورة حتمية لدول الخليج العربي تتمثل في الأمن الوطني والحفاظ على المكتسبات الحضرية والتنموية التي تستوجب اتخاذ قرارات واضحة منطلقة من وحدة المصير المشترك مبعثها محاربة الإرهاب، ليس بالدول نفسها فقط، بل تمتد محاربته في الدول الإقليمية مثل اليمن وسوريا والعراق، والوقوف بحزم أمام عبث النظام الإيراني الذي أخذ على عاتقه زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة بدعمه للميليشيات الإرهابية، وتدخلاته في الشؤون الداخلية بدول المنطقة مما يذكي الطائفية ويهدد مفهوم المواطنة الحقة.
فرصة حوار المنامة
يشكل حوار المنامة فرصة مهمة لتلاقي الأفكار وتبادل الخبرات بين صناع القرار والشخصيات الدولية والاقتصادية والسياسيين والمفكرين الاستراتيجيين من جميع قارات العالم التي هي كذلك تشكو من التطرف العنيف والأعمال الإرهابية، بأن يدرسوا ويناقشوا من خلال تبادل الخبرات والحوارات الجانبية وضع الخطط الاستراتيجية التي تمكنهم من مواجهة آفة «الإرهاب»، حيث إن دول الخليج العربي رغم ما حققت من إنجازات على المستوى التنموي والسياسي والاقتصادي والعسكري إلا أنه مازال هناك تهديد للأمن الداخلي نتيجة تصدير الأعمال الإرهابية من دول إقليمية، وفشل المجتمع الدولي في احتواء أو القضاء على حروبها نتيجة مصالح سياسية أو اقتصادية على حساب شعوب تلك الدول، التي تأتي في مقدمتها العراق وسوريا وليبيا.
ضريبة فشل السياسات
في الوقت الراهن تدفع دول الخليج العربي ضريبة فشل السياسات الدولية التي أدت إلى تحولات أمنية منها ما تشهده اليوم سوريا، هذا بجانب الأعمال الإرهابية التي طالت دولاً خليجية وذلك يرجع لعدة أسباب، لعل أبرزها اتفاق إيران ومجموعة دول «5+1»، الذي كان بداية تحولات وترتيبات إقليمية جديدة أثرت سلباً على دول الإقليم، وهذا ما تشهده المنطقة اليوم من تدخلات مباشرة من قبل النظام الإيراني، لدعم نظام بشار الأسد في سوريا، الذي أوغل في التنكيل بشعبه، هذا بجانب قيام النظام الإيراني بتهريب الأسلحة والصواريخ إلى ميليشيات الحوثي باليمن، وإلى البحرين والكويت والسعودية، تلك الميليشيات المصنفة ضمن قائمة الإرهاب من قبل المجتمع الدولي! كما شهد هذا التحول التغطية للميليشيات الأخرى للقتال في سوريا والعراق على أساس مذهبي مقيت وغض الطرف عما تعانيه حلب من حصار وتدمير نتيجة التدخل الروسي الفج.
الخلاصة
استمرار واحتضان «حوار المنامة» بمملكة البحرين يعد نجاحاً دولياً يعكس سياسة المملكة القائمة على تعزيز الروابط والعلاقات مع مختلف دول العالم على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
ولكن في ظل التحولات الراهنة تبرز الحاجة لمواجهة التهديدات الإيرانية، إذ إن تلك التحولات أسهمت بها قوى دولية مثل الولايات المتحدة وغيرها، مما يستوجب على دول الخليج العربي التي لعبت أدواراً مهمة تجاه الأزمات الإقليمية ومنها الأزمة اليمنية، اتخاذ القرارات الصارمة لحماية الأمن والاستقرار الوطني والإقليمي، فهي قادرة على مواجهة التحديات الأمنية الإقليمية الراهنة من خلال انتهاج الاستباقية تجاه وضع الحلول العسكرية أن تطلب الأمر، وذلك لحماية مكتسباتها التنموية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وأن ترسخ مكانتها لدى التجمعات الدولية.